إلى ما ذكر- الأدلة المرغّبة في العبادات بالوعد على ترتّب آثار أخروية أو دنيويّة عليها، و تسالمهم على صحّة العبادة إذا كان الإتيان و الإطاعة بطمع الجنّة أو لخوف النار بل بطمع سعة الرزق و نحوها [1]، مع أنّ كل ذلك خارجة عن الإلهيّة، و الغايات المذكورة غير اللّه- تعالى.
ما معنى الإخلاص الحقيقي و هل يعتبر في العبادة الخلوص التامّ أم لا؟
و ما يقال: إنّ طمع الأجر إن كان من اللّه، و الخوف إن كان من عذاب اللّه فهو غير مضرّ بالإخلاص، دون ما كان الإتيان لطمع في غير اللّه- تعالى- كحطام الدنيا و منها الأجرة [2].
غير وجيه، لأنّ الداعي ليس عبارة عمّا يخطر في الذهن، بل عبارة عن الغاية المحرّكة حقيقة، و لا ينبغي الريب في أنّ المحرّك في تلك العبادات المأتي بها طمعا و خوفا هو نفس متعلّقات الإضافات و حاصل المصادر و النتائج من غير أدنى دخالة للإضافات و حيث الصدور من فاعل خاصّ. و لهذا صارت محرّكات مع فرض سقوط الإضافة إلى اللّه بل مع الإضافة إلى عدوّ اللّه- تعالى.
توضيح ذلك: أنّ إعطاء اللّه- تعالى- الحور العين بإزاء عبادة ينحلّ إلى حصول الحور، و الإعطاء، و إضافته إليه- تعالى-، و المحرّك للفاعل الذي طمعه ترتّب تلك الفائدة على عمله لا يخلو إمّا أن يكون نفس حصول الحور العين له استقلالا من غير دخالة إضافة اللّه- تعالى-، و الإعطاء أي المعنى المصدري، أو نفس الإضافة إليه- تعالى- فقط من غير دخالة للمضاف إليه و المعنى المصدري، أو نفس المعنى المصدري بلا دخالة غيره، أو يكون محرّكا مركبا من الحور
[1] راجع الوسائل 1- 33- 46، كتاب الطهارة، الأبواب 5- 9 من أبواب مقدّمة العبادات.