أم لا يعتبر فيها إلّا كون العمل للّه- تعالى- خالصا بلا شركة شيء معه، فإذا صار شيء دنيوي سببا لإيجاد عمل للّه- تعالى-، و لا يكون في إتيان الفعل بداعي اللّه شريكا و إن كان الإتيان بداعي اللّه معلولا لداعي غير اللّه، يقع الفعل عبادة؟
التحقيق هو الثاني: لأنّ الامتثال و الإطاعة عقلا ليس غير إتيان المأمور به حسب دعوة الأمر و لأجل موافقته، كان الباعث الأقصى عليه ما كان و كون نفس الأمر محركا بلا غاية أخرى و مبادئ أخر محال، لأنّ كل فعل اختياري لا بدّ له من مبادئ، كالتصوّر و التصديق بالفائدة و إدراك لزوم إيجاده و اصطفائه و إرادته، و الأمر بما هو ليس محركا تكوينا و لا مترتبا عليه بما هو فائدة. و لو فرض في مورد ترتّبها عليه يكون مبدأ المحرّك و الغاية الباعثة هي تلك الفائدة، لا نفس أمر الأمر بما هو، فلا بدّ في تحرّك المكلّف حسب دعوة الأمر من غاية، و تلك الغاية لا يعقل أن تحرّك العبد إلّا نحو امتثال الأمر و إطاعة المولى، فتحقّق الامتثال و الطاعة ممّا لا بدّ منه، و إلّا لتخلّف المتحركيّة عن المحركيّة و المعلول عن العلّة. و لا يعتبر في العبادة عقلا إلّا وقوع الفعل امتثالا و إطاعة للّه- تعالى-، و كان تحرّك العبد حسب دعوة أمره بلا شركة شيء آخر في هذه الرتبة.
و بالجملة إذا كان الإتيان للامتثال و الإطاعة محضا و بلا دخالة شيء فيه يصير العمل عبادة، لأنّ العبادة إطاعة المولى و حركة العبد على طبق أمره، كانت الغاية لها ما كانت.
و قد عرفت بما لا مزيد عليه امتناع اشتراك الغايات في ترتب الآثار على ذي الغايات، بل هي علّة العلّة لا شريكتها.
و الشاهد على عدم اعتبار شيء آخر في صيرورة الفعل قربيا و عباديا- مضافا