عبادة، و فرّقوا بين الغايات المترتّبة على الأفعال بجعل إلهي و غيرها بأنّ ما كان بجعله- تعالى- يرجع إليه و لم يضرّ بقربيته دون ما كان لغاية غير اللّه- تعالى- [1].
و بالجملة بعد تسالمهم على صحّة العمل إذا كان الامتثال للطمع في أجر اللّه و الخوف من عقابه استشكلوا في الغايات المتوقّعة من غيره- تعالى.
أقول: قبل الورود في الجواب لا بدّ من التنبيه على أمر:
و هو أنّ في المقام قد يكون الداعي إلى امتثال أمر اللّه تامّا مستقلا في نفسه، بحيث ينبعث المكلّف منه سواء كان في مقابله أجر أم لا.
و قد يكون الداعي إليه مفقودا، بحيث لولا الأجر لما كان آتيا بالفريضة.
و قد يكون الداعي إليه ناقصا و ضعيفا لا يصلح للبعث و يتمّ بالأجر.
و كذا الداعي إلى أخذ الأجر قد يكون مستقلا تاما، و قد يكون ضعيفا ناقصا أو مفقودا.
فتصوير الداعي على الداعي يأتي في بعض الصور لا جميعها، و مع رفع الإشكال عمّا هي أسوأ حالا من الجميع يتمّ المطلوب، و هي الصورة التي لا داعي للفاعل أصلا لإتيان الفريضة، و إنّما يتحقّق داعيه بواسطة الأجرة، بمعنى أنّ الفاعل لا يهتمّ بأمر الشارع- و العياذ باللّه-، لكن يهتمّ بعقوده و عهوده لمروءته.
ثمّ لو فرض بقاء الإشكال في هذه الصورة لا يلزم منه الحكم ببطلان جميع الصور المتقدّمة، ضرورة أنّ من لا ينبعث بالأمر الإجاري و لا يكون الأجر أيضا داعيا له و لو بنحو ضعيف لا يقاس في البطلان بمورد الداعي على الداعي.
فلو فرض أنّ الفاعل لا يؤثّر في نفسه الأجرة رأسا و يأتي بمورد الإجارة لداعويّة الصلاة فقط لا وجه للحكم ببطلانها، سواء قلنا بصحّة الداعي على
[1] راجع منية الطالب 1- 17، و كذا المكاسب و البيع تقرير أبحاث المحقّق النائيني 1- 53.