لكنّ المتأخرين عمّموا البحث في التعبّديات مطلقا مستحبّة كانت أو واجبة، و في الواجبات توصّلية أو تعبّدية. فلا بدّ من البحث تارة في أنّ وصف التعبّدية مناف للاكتساب أم لا، و أخرى في أنّ وصف الوجوب مناف له أم لا؟
[البحث في أن وصف التعبدية مناف للاكتساب]
حول قولهم: «تضاعف الوجوب يؤكد الإخلاص»
أمّا الأوّل فقد يقال- مضافا إلى عدم المنافاة-: إنّ تضاعف الوجوب يؤكّد الإخلاص. و القائل صاحب مفتاح الكرامة [1]. و في الجواهر قال في مقام عدم المنافاة: إنّ المنافاة «واضح المنع، ضرورة كون الإجارة مؤكّدة له باعتبار تسبيبها الوجوب أيضا» [2].
و سبقهما إلى ذلك السيّد في الرياض في المستحبّات، قال في مقام بيان عدم المنافاة: «أنّ غايتها هنا عدم ترتّب الثواب لا حرمته مع إمكان ترتّبه حينئذ أيضا بعد إيقاع عقد الإجارة، فإنّها بعده تصير واجبة و تصير من قبيل ما وجبت بنذر و شبهه، و لا ريب في استحقاق الثواب حينئذ. و وجهه أنّ أخذ الأجرة حينئذ صار سببا لوجوبها عليه و معه يتحقّق الإخلاص في العمل، لكونه حينئذ لمجرّد الإطاعة و الامتثال للّه- تعالى- و إن صارت الأجرة منشأ لتوجّه الأمر الإيجابي إليه» [3]، انتهى.
و العجب منه- رحمه اللّه- حيث صرّح قبل ذلك بأسطر بأنّ أخذ الأجر في
[1] مفتاح الكرامة 4- 92، القسم الخامس ممّا يحرم التكسّب به، فيما يجب على الإنسان فعله.
[2] جواهر الكلام 22- 117، القسم الخامس ممّا يحرم التكسّب به، فيما يجب على الإنسان فعله.
[3] رياض المسائل 1- 505، كتاب التجارة، النوع السادس من الفصل الأوّل، فيما يكتسب به ببيع و غيره.