و إدراك العقل المصلحة و ترجيح الفعل على الترك بالقضاء العقليّ أو القوّة الحاكمة و القاضية، غير الشوق الذي ينفعل النفس به لا بمعنى فعّاليّته بل بمعنى عروضه لها، و ليس الاشتياق من شؤون العاقلة، بل العقل مدرك للمصالح و المفاسد، و لا يليق به الحبّ و البغض و أضرابهما من الانفعاليّات.
و ما في مسفورات أهل النظر من نسبة الشوق و نحوه إلى المبدأ- تعالى جدّه- لا بدّ من تأويله، كما ورد في الكتاب و السنّة من أشباه ذلك ممّا لا يليق بظاهرها بساحة قدسه- جلّ و علا- [1] و لعمري لا داعي للالتزام بما يخالف الوجدان و البرهان لتصحيح ما قال بعض أهل النظر: إنّ الإرادة هي الشوق المؤكّد، مع عدم برهان عليه.
فتحصّل من ذلك أنّ الإكراه على الشيء لا يعتبر في مفهومه كون ذلك الشيء ممّا أكرهه الفاعل، و هو واضح، و كذا لا يكون تحقّقه متقوّما لذلك أو ملازما له.
فالأولى في تحديد مفاد قوله: «أكرهوا عليه» تبعيّة كلمات اللغويّين الموافقة للعرف و الاعتبار، أو إيكال الأمر إلى العرف، كما صنعه المحقّق صاحب الجواهر [2].
ثمّ إنّ اعتبار عدم إمكان التفصّي عرفا بما لا يحصل منه ضرر آخر معتدّ به ممّا لا ينبغي الريب فيه.
[1] راجع معاني الأخبار: 12، باب معاني ألفاظ وردت في الكتاب و السنّة في التوحيد.
[2] جواهر الكلام 32- 11، كتاب الطلاق، الشرط الثالث من شرائط المطلق.