إذا كان الفعل مكروها له و هو يكرهه صدق الإكراه عليه و لو كان الحمل عليه بلا قهر و جبر بل يكون حمله عليه بالاستدعاء أو إعطاء المال عليه، ضرورة صدق حمله على ما يكرهه. فإذا أمره من لا ينبغي مخالفته بأمر كرهه فأتاه صدق عليه أنّه حمله على ما يكرهه.
و توهّم أنّ الحمل بمعنى الإلزام و القهر باطل، ضرورة أنّه أعمّ منه، إذ يصدق قوله: «حملني صديقي أو أخي على ذلك المكروه» بلا شائبة تأوّل.
و بالجملة ليس في قوله: «أكرهه على ذلك» إلّا مادّة واحدة هي الكره، فهي إمّا متعلّقة بالهيئة و ما يستفاد منها، فيكون المعنى حمله عليه كرها أي قهرا، فيكون نظير أجبره و ألزمه، أو راجعة إلى المتعلّق، فيكون المعنى حمله على ما يكرهه، فيكون الحمل مطلقا غير مقيّد بالإلزام و القهر و الكره. و توهّم اعتبار الكره في كليهما كما ترى لا وجه له.
و مع الدوران بينهما لا شبهة في أنّ الأوّل موافق للعرف، فلا يقال لمطلق الحمل و التحميل على ما يكرهه أنّه أكرهه عليه، و موافق لقاعدة الاشتقاق كما يظهر بالنظر في الأمثال و النظائر، و لكلمات اللغويين:
ففي منتهى الإرب في معنى الاستكراه: «و بناخواست و ستم بر كارى داشتن» و
منه الحديث: «رفع عن أمّتي الخطاء و ما استكرهوا عليه» [1].
و في الصحاح: «و أكرهته على كذا: حملته عليه كرها» [2].