الظاهر عدم جواز التمسك له بمطلقات أدلّة التقيّة، لأنّ عنوانها غير صادق ظاهرا إلّا على الخوف على ما يتعلّق بالمتقي من النفس و العرض و المال، سواء كان منه أو ممّن يتعلّق به الذي بمنزلته، و أمّا الخوف على سائر الناس فليس مورد التقيّة، و لا هي صادقة عليه.
فقوله: «التقيّة ترس المؤمن و حرزه» [1]
ظاهر في أنّها حافظها عن توجّه الضرر إليه، فلا بدّ في المقام من التماس دليل آخر.
ربّما يتمسّك
برواية الاحتجاج عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- على جواز ارتكاب المحرّمات و لو أعظمها، كالتبري عنه- عليه السّلام-، و فيها: «و لئن تبرأ منّا ساعة بلسانك و أنت موال لنا بجنانك، لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها، و مالها الذي به قيامها، و جاهها الذي به تمسّكها، و تصون من عرف التي بها قوامها، و مالها الذي به قيامها، و جاهها الذي به تمسّكها، و تصون من عرف بذلك (من- ظ.) أولياءنا و إخواننا، فإنّ ذلك أفضل من أن تتعرّض للهلاك، و تنقطع به عن عمل في الدين، و صلاح إخوانك المؤمنين. و إيّاك ثمّ إيّاك أن تترك التقيّة التي أمرتك بها، فإنّك شائط بدمك و دماء إخوانك، معرّض لنعمتك و نعمتهم للزوال، مذلّ لهم في أيدي أعداء دين اللّه، و قد أمرك اللّه بإعزازهم، فإنّك إن خالفت وصيّتي كان ضررك على إخوانك و نفسك أشدّ من ضرر الناصب لنا الكافر بنا» [1].
و أنت خبير بأنّها أخصّ من المدّعى.
أمّا الفقرة الأولى منها فلا دلالة فيها على جواز البراءة فيما إذا خاف على مال مؤمن أو عرضه، فإنّ قوله: «و تصون من عرف بذلك.» ظاهر في صيانة نفوسهم،
[1] الوسائل 11- 461، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 24 من أبواب الأمر و النهي، الحديث 6. و فيه: «التقية ترس المؤمن و التقية حرز المؤمن.».
______________________________
[1] الاحتجاج 2- 1- 239، و عنه في الوسائل 11- 478، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 29 من أبواب الأمر و النهي، الحديث 11. و المتن مطابق مع الوسائل.