الموارد التي يلزم منها وقوع الضرر أو الحرج على الغير، تأمّل- أنّ مقتضى تلك الأدلّة عموما و إطلاقا و إن كان جواز التقيّة في كلّ مورد يضطرّ إليه ابن آدم من غير فرق بين حقّ الناس و غيره، لكن مقتضى حكومة دليل نفي الحرج، كحكومته على سائر الأدلّة، تخصيص الحكم بموارد لا يلزم منها الحرج على الغير بفعله.
و لازمه التفصيل في حقوق الناس بين ما إذا توجّه الشرّ و الضرّ على الغير، و يكون دفعه عنه مستلزما لوقوع الدافع في شرّ و ضرّ و حرج، كما في الموارد المتقدّمة في كلام الشيخ و ابن إدريس و غيرهما، فإنّه لو فرض أنّ السارق أقرّ بالسرقة عند من كان منصوبا من قبل والي الجور للقضاء، و كان مقتضى مذهبهم القطع بالإقرار مرّة واحدة كما قال به أبو حنيفة و مالك و الشافعي [1] و خاف القاضي و اضطرّ إلى الحكم على مذهبهم و إنفاذه، ففي مثله يجوز له، لأنّ الشرّ حسب إقراره و مذهبهم متوجّه إليه فإيجاب دفعه عنه بما يلزم منه وقوع الشرّ عليه حرجيّ.
و أمّا تجويزه لدفع اضطراره ليس حرجيّا على غيره أو ينصرف الدليل عنه، لأنّه شرّ توجّه إليه لا من قبله بل من قبل إقراره و مذهب الباطل.
و لو سلّم كونه حرجيّا و مع الانصراف يتعارض دليل الحرج في مصداقين و تسلم أدلّة أنّ التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه.
و أمّا إذا توجّه الشرّ إلى المتّقي و أراد دفعه بالتوجّه إلى غيره، كما لو ظنّ أنّه إماميّ و خاف منه على عرضه فأراد هتك شيعيّ لدفع التوهّم و الشرّ عن نفسه، ففي مثله يكون تجويزه حرجا على غيره و هو منفيّ.
و أمّا تحريم دفع ضرره بإيقاع شرّ على الغير فليس من الأحكام الحرجيّة، فإنّ الضرر متوجّه إليه لا من قبل الشارع. نعم مع تجويزه إيقاع الشرّ على الغير يندفع