لكن يمكن دفع المناقشة- مضافا إلى أنّ التقيّة أعمّ لغة فإنّها بمعنى التجنّب و التحذّر و المخافة [1]، فصدقت على التحرّز من كلّ مكروه و شرّ، فإذا أكرهه على أمر فأتى به تجنّبا من شرّه يصدق عرفا و لغة أنّه فعله تقيّة و اتّقاء، فلا وجه لتقييد عمومات التقيّة بخصوص ما ذكر بمجرّد كون مورد بعض الأخبار ذلك، مع إمكان حملها على التفسير بالمصداق كما هو شائع و إلّا لصارت مضامينها متناقضة، بل رواية مسعدة أيضا لا يبعد أن تكون ظاهرة في التفسير بالمصداق، لأنّ قوله: «مثل أن يكون قوم» ظاهر في أنّ ما بعده أحد المصاديق المذكور من باب المثال. و مقابلتها للإذاعة و الإفشاء في جملة من الروايات لا تدلّ على الحصر،
لا يدلّ على أنّ ما لا يقابل الإذاعة ليس تقيّة بل للتقيّة موارد غيرها.
و مضافا إلى أنّ الظاهر من جملة من الروايات أنّ الإكراه أيضا تقيّة:
كرواية محمّد بن مروان، قال: قال لي أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: «ما منع ميثم- رحمه اللّه- من التقيّة؟ فو اللّه لقد علم أنّ هذه الآية نزلت في عمّار و أصحابه إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ[3].
و
في رواية درست عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: «ما بلغت تقيّة أحد ما
[1] ففي القاموس 4- 403: اتّقيت الشيء و تقيته اتّقيه و أتقيه تقى و تقيّة و تقاء ككساء: حذرته. و مثله في لسان العرب 15- 402، و في المنجد: 915 توقي توقّيا فلانا: حذره و خافه، تجنّبه.
[2] الوسائل 11- 459، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 24 من أبواب الأمر و النهي، الحديثان 1 و 9.
[3] الوسائل 11- 476، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 29 من أبواب الأمر و النهي، الحديث 3.