لكن يمكن أن يناقش فيها بأنّ عنوان الإكراه غير عنوان التقيّة كما يظهر من الأخبار:
فإنّ التقيّة عبارة عن الاحتراز و التجنّب عن شرّ قوم مخالف للمذهب، بإتيان أعمال توافق مذهبهم، من غير أن أكرهوه على إتيانها و أوعدوه على تركها.
ففي رواية مسعدة بن صدقة المعتمدة عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: «إنّ المؤمن إذا أظهر الإيمان» إلى أن قال: «لأنّ للتقيّة مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له و تفسير ما يتّقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم على غير حكم الحقّ و فعله، فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة ممّا لا يؤدّي إلى الفساد في الدين فإنّه جائز». [1]
و ظاهر التفسير سيّما في مثل المقام أنّه بصدد بيان الحقيقة، و لعلّه أعمّ من التقيّة الخوفيّة و المداراتيّة.
و يظهر من جملة من الروايات أنّ التقيّة مقابل الإذاعة [2]، و هي أيضا بوجه داخلة في التفسير، فإنّها عبارة عن كتمان المذهب خوفا و تجنّبا من المخالف.
و أمّا الإكراه فعبارة عن تحميل الغير عملا و إيعاده على تركه بما يلجأه إلى العمل، أو الإيعاد على فعل شيء بما يلجأه على تركه.
و أيضا التقيّة واجبة حسب الأدلّة الكثيرة و راجحة في بعض الموارد [3]، و دليل
[1] الوسائل 11- 469، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 25 من أبواب الأمر و النهي، الحديث 6.
[2] الوسائل 11- 483، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 32 من أبواب الأمر و النهي، الأحاديث 1، 4 و 6.
[3] راجع الوسائل 11- 459، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 24 و ما بعده من أبواب الأمر و النهي.