لا إلى غيره. و قد عرفت أنّ صدق الاضطرار فيه أيضا محلّ إشكال، و لو سلّم الصدق فدعوى انصراف الأدلّة عن مثله قريبة، بخلاف دعوى الانصراف في دليل الإكراه.
و إن شئت قلت: إنّ التلازم بين الفقرتين في التعميم و عدمه على فرضه ليس عقليّا، بل عرفيّ بلحاظ وحدة السياق، و هي من أدنى مراتب الظهور على تسليم أصله، و مع قيام قرينة على التفرقة تقدّم عليه، و في المقام قامت الأدلّة على شمول دليل الإكراه لحقّ الناس كما تقدّم الكلام فيه.
و لو لا بعض الجهات لقلنا بأنّ مقتضى وحدة السياق التعميم في دليل رفع الاضطرار، لكنّ العرف و العقلاء يفرّقون بين الإكراه على مال الغير و عرضه، و بين الإكراه على ماله و عرضه و أراد دفعه بمال الغير أو عرضه. فإنّ الإقدام على الأوّل ليس قبيحا و ليس من قبيل إيقاع الضرر المتوجّه إليه على غيره، بخلاف الثاني، و مقتضى الامتنان التجويز في الأوّل دون الثاني.
و ما ذكر من جهات و خصوصيّات موجبة للتفرقة بين الفقرتين، و كأنّها صارت موجبة لفتوى الفقهاء أو معظمهم على جواز التقيّة في كلّ شيء إلّا الدم، و عدم جواز دفع الضرر المتوجّه إليه إلى غيره. [1] هذا كلّه مضافا إلى دليل الحرج [2]، لأنّ إيجاب تحمّل الضرر لدفع الضرر المتوجّه إلى الغير حرجيّ، بخلاف عدم تجويز دفع الضرر المتوجّه إليه بإيقاعه على غيره.
و ما قيل: إنّ ذلك في غير الفاعل الشاعر، و أمّا هو فمباشرته جزء أخير من
[1] راجع النهاية: 357، كتاب المكاسب، باب عمل السلطان و أخذ جوائزهم، و السرائر 2- 203، نفس الكتاب و الباب، و الشرائع 2- 1- 266، كتاب التجارة.
[2] راجع عوائد الأيام: 57 للمولى أحمد النراقي، العائدة التاسعة عشر: قاعدة العسر و الحرج.