و أمّا التشبّث بقوله: «إنّما جعلت التقيّة.» [1] بالتقريب المتقدّم ففي غير مورده، بل هو من الأدلّة على التعميم، يظهر وجهه بعد نقل الروايات المشتملة عليه:
ففي صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: «إنّما جعل التقيّة ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقيّة» [2].
و
في موثقة أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: «إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة» [3].
و
في مرسلة الصدوق في الهداية قال: قال الصادق- عليه السّلام-: «لو قلت: إنّ تارك التقيّة كتارك الصلاة لكنت صادقا، و التقيّة في كلّ شيء حتّى يبلغ الدم، فإذا بلغ الدم فلا تقيّة» [4].
و أنت خبير بأنّ الظاهر منها أنّ عدم التقيّة منحصر بالدم و الحصر في محلّه.
لأنّ المراد من قوله: «إنّما جعلت التقيّة.» أنّ التقيّة شرّعت في أوّل تشريعها لحقن الدم، لأنّ أوّل تشريعها و نكتته و مورده قضيّة عمّار بن ياسر كما تقدّم و كان موردها حقن الدم، فقوله ذلك إشارة ظاهرا إلى تلك القضيّة و إشارة إلى نكتة عدم التقيّة
[4] الجوامع الفقهية: 47، كتاب الهداية، باب التقيّة، و عنه في مستدرك الوسائل 12- 274، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 29 من أبواب الأمر و النهي، الحديث 1.