قد يقال باختصاص الأدلّة بحقّ اللّه محضا و عدم شمولها لحقّ الناس.
و يتشبّث له تارة بأنّ المستفاد من أدلّة الإكراه أنّ تشريعه لدفع الضرر فلا يجوز دفعه بالإضرار بالغير و لو كان الإضرار أدون.
و أخرى بأنّ حديث الرفع مسوق للامتنان على جنس الأمّة، و لا حسن في الامتنان على بعضهم بترخيص الإضرار ببعض آخر، فإذا توقّف دفع الضرر على نفسه بالإضرار بالغير لم يجز.
و ثالثة بأنّ دليل الإكراه لو عمّ للإكراه على الإضرار بالغير، لعمّ نفي الاضطرار له أيضا، فإنّ سياقهما واحد، و لا وجه للافتراق بينهما، و التالي باطل، لقبح تشريع الإضرار بالغير لدفع ضرر نفسه، و لهذا لم يجوّز أحد هتك أعراض الناس و نهب أموالهم إذا توقّف عليه صون عرضه و ماله، مع أنّه يجوز ارتكاب المحرّمات و ترك الواجبات لذلك.
و رابعة
بقوله: «إنّما جعل التقيّة ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقيّة» [1]
بتقريب أنّ المستفاد منه أنّه كلّ ما شرّعت التقيّة لحفظه إذا بلغته فلا تقيّة، و من المعلوم أنّ التقيّة كما شرّعت لحقن الدماء شرّعت لحفظ الأعراض و الأموال أيضا، و مقتضاه أنّه إذا بلغت هتك الأعراض و نهب الأموال فليس تقيّة [2].
استفادة الإطلاق من آية الإكراه و الروايات
و يرد على الأوّل و الثاني بل على الجميع أنّ الاختصاص بغير ما تعلّق به حقّ
[1] الوسائل 12- 483، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الباب 31 من أبواب الأمر و النهي، الحديث 1.
[2] راجع المكاسب: 57، المسألة السادسة و العشرون من النوع الرابع، في الولاية من قبل الجائر، التنبيه الأوّل من التنبيهات، و حاشية المكاسب للفاضل الإيرواني: 45، ذيل قوله قدّس سره: وجهان.