بل و لا يبعد أن يكون العبدي مصحّف «القندي»، و يكون زياد بن أبي سلمة زياد بن مروان القندي، و لعلّ مروان كان مكنّى بأبي سلمة، فإنّ الروايتين كأنّهما في قضية واحدة نقلت الثانية بالمعنى، و لهذا لا تخلو من نحو اغتشاش.
و إنّما قلنا: هي أظهر في المقصود، لعدم اشتمالها على الشرطيّة، بل قال:
«امض و أعزز إخوانك.». فأمره بالإعزاز لمن كان مشتغلا بعملهم للهداية إلى طريق لو سلكه عسى اللّه أن يتوب عليه.
و أمّا رواية عليّ بن رئاب فلأنّ قوله: «كفّارة أعمالكم.» لا يراد به الدخول لإعزاز المؤمن، لأنّه- مضافا إلى عدم تناسب الكفّارة مع نفي الحرمة عرفا، فإنّها لتكفير السيّئة أو النقيصة الحاصلة منها- أنّ الدخول لذلك له أجر و ثواب حسب الروايات المتقدّمة، فلا معنى للكفارة فيه.
فيكون ذاك و ذا قرينة على أنّ المراد بأعمالهم ما دخلوا فيها لمقاصدهم، كما هو كذلك بحسب النوع.
و منه يظهر حال مرسلة الصدوق و رواية العياشي.
و أمّا رواية الحسن الأنباري فالظاهر أنّ أبا الحسن- عليه السّلام- كان لم يصدّقه في دعواه الخوف على نفسه، أ كان- عليه السّلام- عالما بعدم وقوع مكروه عليه لو لم يدخل في عملهم، و إلّا لإجازة بلا شرط. و المظنون بل المعلوم أنّ اشتراطه بما ذكر تعليق على أمر غير مقدور له، فإنّ التولّي لهم في ذلك العصر مع انتخاب جميع الكتّاب و الأعوان من غيرهم و من خصوص الشيعة، كان غير ممكن عادة، كما أنّ المواساة للفقراء بحيث يكون المتولّي للأمر كأحد منهم كأنّه غير ميسور له.
ففي الحقيقة إنّ هذه الرواية من الروايات الناهية عن الدخول في أعمالهم مطلقا. مع أنّ ظاهرها مخالف للقواعد، و لهذا حملناها على ما تقدّم.