و إن شئت قلت: إنّ موضوع أخبار الأعذار هو المحرّم الأوّلي، و الروايات المخصّصة رافعة لموضوعها في مورد التخصيص، فتكون حاكمة عليها و لا معارضة معها.
مضافا إلى أنّ في تلك الروايات ما تشهد على أنّ المراد بها غير مورد الورود في الولاية للإصلاح أو لإيقاع المكروه عليهم:
ففي رواية محمّد بن إدريس بعد السؤال عن العمل لبني العباس و الجواب بعدم الجواز فيما عدا مورد الجبر و القهر، قال: فكتبت إليه في جواب ذلك أعلمه أنّ مذهبي في الدخول في أمرهم، وجود السبيل إلى إدخال المكروه على عدوّه، و انبساط اليد في التشفّي منهم بشيء أتقرّب به إليهم؟ فأجاب: «من فعل ذلك فليس مدخله في العمل حراما، بل أجرا و ثوابا» [1].
فيظهر منها صدرا و ذيلا أنّه- عليه السّلام- حمل العمل لبني العباس في المكاتبة الأولى على العمل المتعارف الذي كانوا يدخلون فيه لأغراض أنفسهم، فأجاب بعدم الجواز إلّا مع الجبر و القهر، فلمّا كتب إليه ثانيا بأنّ مدخله لمقصد كذا أجاب بأنّه ليس بمحرّم، بل فيه أجر و ثواب.
و هذه شاهدة جمع بين سائر الروايات، مع أنّ الموالاة في موثّقة مسعدة يمكن أن تكون بمعنى النصرة و الإعانة، فيكون الدخول في أعمالهم لغرض إيقاع المكروه عليهم، أو غرض إعانة المؤمن و رفع المكروه عنه خارجا عنها موضوعا، تأمّل.
ثمّ إنّ هاهنا روايات أخر ربما يتوهّم التنافي بينها و بين ما تقدّمت:
كمرسلة الصدوق، قال: قال الصادق- عليه السّلام-: «كفّارة عمل السلطان
[1] الوسائل 12- 137، كتاب التجارة، الباب 45 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.