- إلى أن قال:- فقال لي: «يا زياد! لأن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة، أحبّ إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم، إلّا لماذا؟» قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: «إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه. يا زياد، إنّ أهون ما يصنع اللّه عزّ و جلّ بمن تولّى لهم عملا، أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ اللّه عزّ و جلّ من حساب الخلائق». [1]
دلالتها على الحرمة الذاتيّة لأجل أنّ أبا الحسن- عليه السّلام- مع كونه ولي الأمر و صاحب الحقّ، قال ما قال، و علّله بما ذكر، و استثنى ما استثنى، فلو كانت الحرمة للتصرّف في حقّهم فقط، لما كان لذلك كلّه وجه.
و
موثّقة مسعدة بن صدقة، قال: سأل رجل أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان، يعملون لهم و يجبون لهم و يوالونهم؟ قال:
«ليس هم من الشيعة و لكنّهم من أولئك» ثمّ قرأ أبو عبد اللّه- عليه السّلام- هذه الآية لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ[2] إلى أن قال: «ثمّ احتجّ اللّه على المؤمنين الموالين للكفّار فقال تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ[3] إلى قوله وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ[4] فنهى اللّه عزّ و جلّ أن يوالي المؤمن الكافر إلّا عند التقيّة». [5]
و الظاهر من استثناء التقية أنّ المراد بالموالاة ليس المحبّة و الوداد، بل التولّي للأمور و التصدّي لأعمالهم، أو الأعمّ منه و من الموالاة ظاهرا بإظهار المحبّة
[1] الوسائل 12- 140، كتاب التجارة، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.