و الظاهر منها أو من بعضها حرمة الدخول في ديوانهم بأن يصير من أعضاء ديوان الظالم أو ديوان غاصب الخلافة، كالشّرطي، و الجندي، و القاضي، و الأمير، و حواشي السلطان، و أمثالهم، لا مثل خيّاط السلطان، و بنّائه، و معماره، كما قال الشيخ الأنصاري [1]. و لعلّه أراد بما ذكر بيان المراد في رواية ابن أبي يعفور، و إلّا فالظاهر من قوله: «من سوّد اسمه.» هو ما ذكرناه. و قد مرّ أنّ الروايات الواردة في أعوان الظلمة ظاهرة أو منصرفة إلى أعوانهم في الظلم. فما أفاده من أنّ معمار السلطان و بنّاءه من أعوانه حقّ، لكن تلك الروايات لا تدل على حرمة مطلق عون السلطان و الظلمة.
و أمّا الروايات المتقدّمة آنفا، فالظاهر منها أنّ الدخول في ديوانهم و صيرورته من أعضاء حكومتهم محرّم. و لعلّه لأجل ملازمته للإعانة على الظلم، أو لصيرورته موجبا لقوّة شوكتهم، أو يكون نفس الدخول في ديوانهم إعانة على حكومتهم الجائرة الظالمة، و إن كان مقتضى الجمود على ظواهرها أنّ الدخول فيه حرام ذاتا لا لترتّب معصية أو عنوان آخر عليه. و يأتي بعض الكلام فيه في المسألة الآتية.
و لا يبعد اختصاص ذلك بخلفاء الجور الغاصبين لخلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و المدّعين لها، و الإسراء إلى غيرهم مشكل، لخصوصيّة فيهم لعنهم اللّه.
كما لا يبعد الاختصاص
في رواية يونس بن يعقوب، قال: قال لي أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: «لا تعنهم على بناء مسجد». [2]
و المراد من الإعانة على بناء المسجد، ليس مطلق. العمل فيه و لو لحوائج نفسه، كالبنّاء، و العملة العاملين لأجل حوائجهم، من غير نظر إلى صاحب العمل. فإعانتهم أخصّ من ذلك، ضرورة أنّه لا يقال للتاجر الذي يتّجر
[1] المكاسب: 55، في المسألة الثانية و العشرون، في معونة الظالمين.
[2] الوسائل 12- 129، كتاب التجارة، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 8.