إلّا أن يدّعى أنّ كثرة استعمال الاستثناء في أخبارنا في غير الحصر الحقيقي توجب و هنا في دلالته عليه.
بل القرينة العقليّة قائمة في المقام على عدم الحصر، لوضوح أنّ الكذب لإنجاء المؤمن من الهلكة غير مسئول عنه، و كذا في موارد دوران الأمر بينه و بين المحذور الأشد كالزنا و شرب المسكر.
مضافا إلى أنّ في نفس تلك الروايات أيضا اختلافا كالروايتين المتقدّمتين.
و الذي يسهّل الخطب ضعف الروايتين سندا [1] و ضعف سائرها المشعرة بذلك سندا و دلالة [1]، و كثرة الروايات المقابلة لها و فيها الصحيحة و الموثّقة ممّا لا تصلح هي لمعارضتها.
فتحصّل ممّا مرّ جواز الكذب لتخلّص مال نفسه أو غيره، و هو عنوان آخر غير ما تقدّم.
ثمّ يظهر من تلك الروايات جواز الكذب لتخلّص نفسه أو غيره من سائر المؤمنين من أنحاء الضرر النفسيّ و العرضي، لإلقاء الخصوصيّة عرفا، و فحوى الروايات، و إطلاق بعضها كمرسلة الصدوق، الدالّة على مأجورية الكاذب إذا حلف في خلاص امرئ مسلم، أو خلاص ماله من متعدّ يتعدّى عليه من لصّ أو غيره. [2]
[1] لوجود أبي مخلّد السراج، و عيسى بن حسان في الرواية الأولى، لأنّهما إماميان مجهولان. راجع تنقيح المقال 3- 34 في قسم الكنى و الألقاب في ترجمة أبي مخلّد، و 2- 359، في ترجمة عيسى بن حسان. و الرواية الثانية ضعيفة لوجود أبي يحيى الواسطي غير المعتمد، مع أنّها مرسلة. راجع تنقيح المقال 3- 39 من قسم الكنى و الألقاب، و 2- 78، و جامع الرواة 2- 425.
______________________________
[1] راجع الوسائل 8- 578، كتاب الحج، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، منها رواية الخصال، الحديث 2 من الباب.
[2] الفقيه 3- 366 كتاب الأيمان و النذور، الحديث 4297، و عنه في الوسائل 16- 135، كتاب الأيمان، الباب 12، الحديث 9. ذكره تقطيعا.