لإمكان أن يقال: إنّ كون التورية مغفولا عنها يؤكّد الاستبعاد المذكور، فإنّ الكذب لو كان محرّما مع إمكان التورية، و كان القيد ممّا يغفله العامّة، كان على المعصوم- عليه السّلام- بيانه، و لا يمكن الأمر بالحلف كاذبا في تلك الروايات الكثيرة، من غير إشارة إلى أنّ جوازه موقوف على عدم إمكانها، فتدبّر.
المعارضة بين الروايات السابقة و روايات دلّت على حصر جواز الكذب في ثلاثة
ثمّ إنّ هذه الروايات معارضة بروايات دلّت على حصر جواز الكذب بثلاثة:
كرواية عيسى بن حسان، قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: «كلّ كذب مسئول عنه صاحبه يوما إلّا كذبا في ثلاثة: رجل كائد في حروبه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقي هذا بغير ما يلقي به هذا، يريد بذلك الإصلاح ما بينهما، أو رجل وعد أهله شيئا و هو لا يريد أن يتمّ لهم» [1].
و
مرسلة أبي يحيى الواسطي عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-، قال: «الكلام ثلاثة: صدق و كذب و إصلاح بين الناس». [1]
و تشعر بالحصر بعض ما تأتي في المستثنى الآخر.
و حمل هذه الروايات على الحصر الإضافي بعيد، بل لا وجه له في المقام.
و تقييد الحصر ليس بجمع عقلائي مقبول عرفا.
[1] الكافي 2- 342، كتاب الإيمان و الكفر، باب الكذب، الحديث 18، و عنه في الوسائل 8- 579، كتاب الحجّ، الباب 141 من أبواب العشرة، الحديث 5. و فيهما: «رجل كائد في حربه»، و لكن في الطبع القديم من الوسائل 2- 234: «رجل كائد في حروبه».
______________________________
[1] الكافي 2- 341، كتاب الإيمان و الكفر، باب الكذب، الحديث 16، و عنه في الوسائل 8- 579 كتاب الحج، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 6.