رواية الصدوق عن الصادق- عليه السّلام-: «اليمين على وجهين» إلى أن قال:
«فأمّا اليمين التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذبا و لم تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله من متعدّ يتعدّى عليه من لصّ أو غيره». [1]
و
في موثّقة زرارة عن أبي جعفر- عليه السّلام- في باب الحلف كاذبا للعشّار، قال: «فاحلف لهم، فهو أحلّ من التمر و الزبد» [2].
و في نسخة «أحلى» مكان «أحلّ»، و كأنّها أصحّ.
بدعوى أنّه لو لم تكن حرمته بالوجوه و الاعتبار، لما صار أحبّ إلى اللّه و لا حسنا و لا أحلى- أو أحلّ- من التمر و لا مأجورا عليه لأجل طروء عنوان ذي مصلحة عليه، بل كان من قبيل تزاحم المقتضيات في مقام العمل، و للكاذب عذر في اختيار أقلّ المحذورين و المبغوضين.
و يمكن أن يناقش فيه بأنّ غاية ما يمكن أن يستشهد بتلك الروايات، ما عدا الأولى أنّ الكذب ليس علّة تامة للحرمة، و ليست الحرمة لازم ذاته، لأنّ الظاهر منها أنّه محبوب و حسن في الإصلاح. و مقتضى تزاحم المقتضيات، كما مرّ، بقاء الموضوع على حرمته و مبغوضيّته، لا صيرورته محبوبا حسنا. و الحمل على المحبوبيّة العرضيّة مع كونه مبغوضا بالفعل ذاتا، بعيد جدا.
و أمّا الدلالة على أنّ حرمته بالوجوه و الاعتبار فلا، لإمكان أن يكون مقتضيا للحرمة، و يكون العنوان الطارئ من قبيل المانع عن تأثيره، فيمكن أن يكون ما فيه
[1] الفقيه 3- 366 كتاب الأيمان و النذور، الحديث 4297، و عنه في الوسائل 16- 135 كتاب الأيمان، الباب 12، الحديث 9.
[2] الفقيه 3- 363 كتاب الأيمان و النذور، الحديث 4286، و عنه في الوسائل 16- 135، كتاب الأيمان، الحديث 6.