اقتضاء الحرمة و المبغوضية غير محرّم و لا مبغوض لأجل عروض المانع، بل يمكن أن يصير محبوبا فعلا، لعدم التنافي بين المبغوضيّة الاقتضائيّة و المحبوبيّة الفعليّة، سيّما إذا كانت المحبوبيّة بالعرض، كما في المقام، فإنّ محبوبيّته لأجل كونه في الصلاح، فالصلاح محبوب بالذّات، و هو محبوب ثانيا و بالعرض.
و إذا دار الأمر بين الاحتمالين لا يمكن رفع اليد عن إطلاق أدلّة حرمة الكذب، لو فرض إطلاق فيها، بل يمكن كشف حال الموضوع من إطلاقها و الحكم بكونه مقتضيا للحرمة لو لا عروض ما يمنعه عن تأثير مقتضاه بدليل دالّ عليه.
و أمّا الرواية الأولى فلا دلالة لها على المطلوب، بل و لا إشعار فيها به، لأنّ الاجتراء على المعصية الكبيرة بارتكاب الصغيرة طبيعيّ للنّفس، فأشار في الرواية إليه، و التعليل صحيح موجّه بعد كون المحرّمات ذات مراتب. نعم لو لا كونها كذلك لكان لما ذكر وجه.
الظاهر وجود الإطلاق و العموم على حرمة الكذب في أخبار كثيرة
ثمّ إنّ الظاهر وجود الإطلاق و العموم في أخبار كثيرة ربما توجب كثرتها الاطمئنان و الوثوق بصدور بعضها إجمالا، فلا ينظر إلى ضعف أسانيدها:
كرواية وصيّة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأبي ذر- رضي اللّه عنه-، و فيها: «و لا يخرجنّ من فيك كذبة أبدا». قلت: يا رسول اللّه، فما توبة الرجل الذي يكذب متعمّدا؟ قال: