وَ إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ[1] و بعد قوله وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ[2] لكنّه بصدد بيان كبرى كلّية، و هي أنّ اختلاق الكذب مقصورة على الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ من غير اختصاص بالكذب على اللّه تعالى. و يؤكّد التعميم قوله وَ أُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ، لظهوره في أنّ الكاذب مقصور على غير المؤمن، و أنّ غير المؤمنين بآيات اللّه هم الكاذبون منحصرا.
فيظهر منه أنّ الكذب مطلقا من خواصّ غير المؤمن.
و لمّا كان في مقام تعظيم الكذب و تكبيره، و لو بدعوى أنّ الكاذبين غير المؤمنين، يفهم منه أنّه عظيمة كبيرة، و إلّا لما صحّت الدعوى.
و هنا احتمال آخر فيها، و هو أنّها بصدد ردّ القائلين و إنشاء ذمّهم، لا الإخبار بأمر واقعي حتّى يحتاج في تصحيحها إلى التأوّل و الدعوى، نظير ما نسب إلى زينب الكبرى- عليها السّلام- في جواب عبيد اللّه- لعنه اللّه-، حيث قال: الحمد للّه.
قالت: «إنّما يفتضح الفاجر، و هو غيرنا» [3]. فإنّه ظاهر في إنشاء الذمّ، لا الإخبار عن واقعة. و نظير قولك في ردّ من قال لك: أنت بخيل «إنّ البخيل من يأكل مال الناس» فإنّ ذلك ردّ قوله بإنشاء ذمّ بالجملة الخبرية، لا الإخبار بأنّ آكل مال الناس بخيل.
فيكون المقصود من قوله إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ردّ قولهم بإنشاء ذمّ لهم.
و هنا احتمال ثالث، و هو أنّ الآية بصدد ردّهم بجملة إخبارية، و هي أنّ الذين يقولون بأنّك مفتر، و يقولون يعلّمه بشر، هم يفترون الكذب في انتساب