و لا يبعد أن يكون الاحتمال الثاني أقرب إلى الذوق في المقام.
ثمّ إنّه لو سلّم رجحان الاحتمال الأوّل- و لو بضميمة الروايتين المتقدّمتين- يكون في دلالتها على حرمة الكذب مجال مناقشة، لإمكان أن يكون المراد بدعوى قصر الكذب على غير المؤمن و نفي اتّصاف المؤمنين به، هو أنّ الكذب لمّا كان صفة خبيثة دنيّة يناسب أرذال الناس، و المؤمن شريف كامل لا يناسب صدوره منه، فسلب الصفة عنه ليس لكونه معصية كبيرة، بل لكونه صفة رديّة قبيحة قذرة لا تناسب مقام المؤمن. و عليه لا تدلّ على كونه محرّما، نظير قوله: «المؤمن لا يخلف الوعد»، و أنّه لفي شغل عن اللهو، و المؤمنون عن اللغو معرضون. إلى غير ذلك.
و ما ذكرناه من الاحتمال، جار في جميع الروايات التي تكون بهذا المضمون، و قد مرّت جملة منها، و لعلّ في بعضها شهادة على ما ذكرناه، فراجع. مع أنّ في كلّ منها نحو مناقشة يظهر بالتأمّل فيها.
ذكر الروايات الدالّة على «أنّ قول الزور عدل الشرك»
و منها: جملة من الروايات التي يستفاد منها أنّ شهادة الزور عدل الشرك،
كرواية دعائم الإسلام، عن أبي جعفر- عليه السّلام-، و فيها: «فمن الزور أن يشهد الرجل بما لا يعلم، أو ينكر ما يعلم، و قد قال اللّه عزّ و جلّ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ[2] فعدل
[1] راجع مستدرك الوسائل 17- 415- 416، كتاب الشهادات، الباب 6 من أبواب كتاب الشهادات، الأحاديث 4، 8، و 10.