مزاجه أعدل كان افعال الروح الانسانى اكثر و اشد و على غاية الاستواء و الاعتدال .
الطبيب يبحث عن الروح البخارى , و الارواح البخارية عنده ثلاثة : احدها
الطبيعى و تولده فى الكبد , و ثانيها الروح الحيوانى و تولده فى القلب , و
ثالثها الروح النفسانى و تولده فى بطون الدماغ , على التفصيل المحرر فى محله .
يب - عين فى أن المزاج كلما كانت أعدل , كانت النفس الفائضة عليه أفضل :
الاجسام العنصرية تمنعها صرفية التضاد عن قبول الحيوة , و البارى سبحانه من
حكمته البالغة خلق منها أمزجة و خص كل مزاج بنوع , و كلما أمعنت الأجسام فى
هدم
طرف من التضاد ورده الى التوسط الذى لاضد له و ازدادت قربا من التوسط ازدادت
قبول الحيوة . و أقرب الأمزجة من الاعتدال مزاج الانسان لقبول النفس الناطقة .
فمهما كان مزاجه اقرب الى الاعتدال كان الشخص اكثر استعدادا لقبول الملكات
الفاضلة العلمية و العملية , و لذا كانت الافاضة فى مزاج ايحاءا , و فى آخر
الهاما , و فى ثالث تعليما .
يج - عين فى معنى اعتدال المزاج :
النفس تتعلق بمزاج البنية لا بمزاج الأعضاء , مثلا لا تتعلق بأنملة السبابة و ان
كانت أعدل الأعضاء , فان الأعضاء من حيث هى أعضاء ليست بقريبة من الاعتدال
لغلبة الجزئين الثقيلين عليها , و المزاج المستعد لقبول الصورة الحيوانية فضلا
عن الانسانية هو مزاج الأرواح التى تقرب الاجزاء الثقيلة و الخفيفة فيها من
التساوى فهى أول شى ء تتعلق النفوس به , ثم تلك النفوس تحتاج بسبب محافظة
تلك الارواح و اكمالها الشخصى و النوعى أولا لى عضو يحصر تلك الأرواح و يمنعها
عن التفرق , هو القلب , ثم الى عضو يغذيها , هو الكبد , و الى عضو يعدها لأن
تصير مبدءا للحس و الحركة , هو الدماغ , ثم الى سائر الأعضاء عضوا بعد عضو
بحسب حاجاتها فى افعالها المختلفة .
يد - عين فى أن مبحث النفس مشترك فيه بين العلمين الطبيعى و الالهى :
النظر فى النفس بما هو نفس نظر فى البدن , و لهذا عد علم النفس من العلوم
الطبيعية الناظرة فى أحوال المادة و حركاتها . فمن أراد أن يعرف حقيقة النفس
من حيث ذاتها مع قطع النظر عن هذه الاضافة النفسية , يجب أن ينظر الى ذاتها من
مبدء آخر و يستأنف علما آخر غير هذا العلم