الطبيعى . و بالجملة يبحث فى العلم الطبيعى عن النفس من حيث إنها حال البدن
الجسمانى نزولا و هبوطا , و فى العلم الالهى عن حال جوهرها المجرد عروجا و صعودا .
يه - عين فى جامع أجزاء البدن و حافظها :
النفس التى لكل حيوان هى جامعة اسطقسات بدنه و مؤلفتها و مركبتها على نحو يصلح
معه أن يكون بدنا لها , و هى حافظة لهذا البدن على النظام الذى ينبغى , تحت
تدبير المتفرد بالجبروت . نعم ان نفس الأبوين تجمع بالقوة الجاذبة اجزاء
غذائية ثم تجعلها اخلاطا , و تفرز منها بالقوة المولدة مادة المنى , و تجعلها
مستعدة لقبول قوة من شأنها اعداد المادة لصيرورتها انسانا . و الجامع للأجزاء
الغذائية الواقعة فى المنيين هو نفس الابوين و هو غير حافظها , و الجامع
للأجزاء المضافة اليها إلى أن يتم البدن و الى آخر العمر و الحافظ للمزاج هو نفس
المولود , فتدبر !
يو - عين فى تعديد القوى النفسانية و ما دونها على سبيل التصنيف :
ربما يتوهم أن النفس قوة واحدة تدرك المدركات المختلفة بطرو الاضافات و
الشروط و الاعدادات عليها . و الحق ان النفس جوهر واحد , و لها قوى منبعثة
عنها , بل كلها شئونها و ان كانت منبثة فى أعضائها . و هذه القوى بمنزلة أجزاء
النفس الانسانية قبل ان صدرت و انبسطت عنها و انفصلت فى أجزاء البدن كل قوة
فى موضع يليق بها . و معنى التصنيف هيهنا ان هذه القوى لا يتميز بعضها عن بعض
بفصول ذاتية كما فى الانواع النباتية و الحيوانية بل امتيازها بعوارض انسانية
من تقدم بعضها على بعض , و استخدام بعضها قبل بعض .
يز - عين فى ان النفس كل القوى :
ان لكل بدن نفسا واحدة :
( ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه)
[1] و لها وحدة هى ظل الوحدة الحقة الحقيقة التى للواجب تعالى , و أفعال
قويها كلها فى فعلها مطوية , و كما تقول( : تعقلت) تقول( : احسست و
حركت
و تحركت) , و تنسب الكل الى نفسك الواحدة , و النفس تقول مثلا( : أيتها
المدركة تدرك بقوتى , و أيتها المحركة تحرك بحولى , و لا حول و لا قوة لكما و
لغيركما إلا بى) . فالنفس الناطقة هى العاقلة , و المفكرة , و المتخيلة , و
الحافظة , و المصورة , و المغذية , و المنمية , و الجاذبة , و الدافعة , و
الهاضمة , و الماسكة ,