المقارنة مكملة لها , و كذلك لا برهان على أن النفوس الغير المستكملة إذا فارقت
لا يكون لها بعد المفارقة مكملات]( [1] .
و كذلك قال فى موضع آخر منها([ : إذا فارقت النفس البدن و لها الاستعداد لادر
اك المعقولات فلعلها تحصل لها من غير حاجة لها الى القوى الجسمية التى فاتته
, بل تحصل لها من غير قصد و من حيث لا تشعر بها كالحال فى حصول الأوائل للطفل ,
و الحواس هى الطرق التى تستفيد منها النفس الانسانية المعارف .
النفس ما دامت ملابسة للهيولى لا تعرف مجرد ذاتها , و لا شيئا من صفاتها التى
تكون لها و هى مجردة , و لا شيئا من احوالها عند التجرد لأنها لا يمكنها الرجوع
الى خاص ذاتها و التجرد عما يلابسها , و هذا يكون عائقا لها عن التحقيق بذاتها
و عن
مطالعة شى ء من احوالها , فاذا تجردت و زال عنها هذا العوق فحينئذ تعرف ذاتها
و احوالها و صفاتها الخاصة بها , و انها تدرك الأشياء بلا آلة بدنية و انها
مستغنية عنها , و ان ما يتخيل لها الان من أن لا حقيقة إلا للجسم المحسوس و أن لا
وجود لشى ء سواه , كله باطل .
القوى البدنية تمنع النفس عن التفرد بذاتها و خاص ادراكاتها , فهى تدرك
الأشياء متخيلة لامعقولة لانجذابها اليها و استيلائها عليها , و لأنها لم تألف
العقليات و لم تعرفها , بل نشأت على الحسيات فهى تطمئن اليها و تثق بها و
تتوهم أن لا وجود للعقليات , و انما هى اوهام مرسلة [2] .
و للشيخ كلمات أخرى فى الشفاء و الاشارات و المبدء و المعاد حول التكامل
البرزخى , نقلناها فى النكتة المشار اليها من كتابنا الف نكتة و نكتة فى صدر
هذه العين , و اشرنا الى تحقيقات انيقة حولها لعلها تجديك فى البحث عن ذلك
التكامل .
اعلم ان جميع ما جاء فى الشرع الالهى فى أن ما يفعله الأحياء من الخيرات و
المبرات نيابة عن الأموات عائدة اليهم , دال على أن للنفس تكاملا بعد
مفارقتها عن البدن .
ح - يجب معرفة الفرق بين الأمر التكوينى و بين الأمر التكليفى , فان الأول
أمر بلا واسطة , و الثانى امر بالواسطة , و الواسطة السفراء الالهية , و ما كان
بالواسطة فقد تقع المخالفة فيه لذلك آمن بعض الناس بالأنبياء و كفر بعض , و
ممن آمن أتى بجميع أوامرهم بعضهم