جاء نص بخلود العذاب بل جاء الخلود فى النار و لا يلزم منه خلود العذاب .
و كذلك العارف المحقق عبد الغنى النابلسى افاد فى آخر الفص الاسماعيلى من شرحه
لب ما افاده الشارح القيصرى و أجاد فى التحرير و التقرير .
ه - إن عذاب المعذب على وفق ملكاته , و كل ملكة رذيلة تصورها بصورة تناسبها
على ما يقتضيه قاعدة تجسم الاعمال كالصور النملية لملكة الحرص , و الموذية كصور
الحيات و العقارب لملكة الأذية , و هكذا فتلك الملكة لسان حال له يستدعى
صورها
المناسبة استدعاء لزوميا طبيعيا للعلاقة اللزومية بينهما فان النسبة بينهما نسبة
الفعل إلى الفاعل , لا المقبول الى القابل , و نسبة الفعل الى الفاعل بالوجوب و
هو تعالى جواد لا يحرم المستحق و لا سيما المستحق التام الاستحقاق
اللازم الاعطاء فانه مجيب دعوة
المضطرين , و هو عادل يضع الشى ء فى موضعه , و يعطى كل ذى
حق حقه . بل تصورت بصورها المناسبة الان و الناس فى غطاء عن رؤيتها
( إن جهنم لمحيطة بالكافرين)
[1] و اعتبر ذلك من الذين حرموا عن المقامات العالية التى لأهل العلم و
العرفان , و الفوا بما هم عليه من الصفات و الأفعال الدنية الدنيوية ذوات
غايات داثرة وهمية , و كان ديدنهم حمل حطب نيرانهم , و انسوا بمتاع الحيوة
الدنيا ليس عصارته إلا الكد و التعب آناء الليل و اطراف النهار , لو اردت
تخليصهم من تلك المهاوى و المتاعب التى تجلى لهم بصورة المعالى و الدعة الى
تلك المقامات العالية , و تكليفهم بالفقر الذى هو عين السلطنة الأبدية , و
تنبيههم على مراتب انفسهم السنية لم تكد تجدهم راغبين , بل وجدتهم عما اردت
بهم معرضين , و الى الله فى جمع شملهم مستغيثين , و بألسنتهم الحالية مستصرخين و
ان كانوا بألسنتهم المقالية لك مصدقين , أو الترك الدنيا الى الله مبتهلين ,
فلا جرم لا يذرك عدالتك ان تخلصهم , بل تخليهم و تدنسهم فان عادة الناس أن
يطلبوا شيئا و لكن لا يتحملون لوازمه , و لو كانوا يشعرون بلوازمه لم يطلبوه .
فهذا الطلب لا ينجع لأن انفكاك اللازم عن الملزوم محال . بل لا طلب فى الحقيقة
مثلا يطلبون الحق مع كونهم منهمكين فى لذاتهم الحسية ممتلئى القلب من محبة
أموالهم و اولادهم , متشبثين بوجوداتهم المجازية :
( و ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه)
[2] , فاذا لم يطلبوا التخلى من هذه الموانع لم يطلبوا التحلى بالتجلى ,
فاذا عرفت الشاهد عرفت الغائب ,
([ و لقد علمتم النشأة الأولى فلو لا