غرر الفرائد فى الحكمة المنظومة , و اللئالى المنتظمة , و الجوهر النضيد , و
تمهيد القواعد فى شرح قواعد التوحيد , و كشف المراد فى شرح تجريد الاعتقاد , و
طهارة الأعراق لابن مسكوية , و الفصوص للفارابى , و غيرها من الزبر الكريمة
المتداولة للتعليم و التعلم , من ضبطها و جمعها بقدر الوسع حتى تكون تذكرة
لنفسى , و كالفهرس لتحقيقنا و تحريرنا فى معرفة النفس - ان ساعدنا التوفيق -
:
على انا نهدى إلى القارى ء الكريم , فى كل عين ما حصلنا فى تلك المسائل
المبحوث عنها من الأصول الايقانية و الأمهات البرهانية المستفادة من فهم
الخطاب
المحمدى - صلى الله عليه و آله و سلم - و المستفاضة من اصول الجوامع الروائية
الصادرة عن بيت العصمة و الوحى مما ادى اليها نظرنا . و المرجو من الله سبحانه
أن تقع موقع الافادة و الاستفادة , و تنالها الأيادى و أنالتها فى كل دورة و كورة
فان الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .
و تلك العيون و ان كان بعضها من شعب بعض و يصح بحث تلك الشعب فى عين
واحدة , و لكنا جعلناها عيونا متمايزة لتفصيل المباحث و تنقيحها .
و العيون التى حررنا تحقيقها فى سائر مصنفاتنا , ربما أرجعنا القارى ء الكريم
الى مواضعها لما رأينا من عدم العائدة فى الاعادة . و لا نريد من ذلك إلا تسهيل
الخطب للمتتبع لا غير , نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا .
ثم ان معرفة النفس مما لا يمكن الوصول اليها إلا بمكاشفات باطنة , و مشاهدات
سرية لا تحصل إلا برياضات و مجاهدات فى خلوات مع توحش شديد عن صحبة الخلق
و انقطاع عن أعراض الدنيا و شهواتها الباطلة و ترفعاتها الوهمية و أمانيها
الكاذبة , و لا يكفى فيها حفظ القواعد البحثية , و أحكام المفهومات الذاتية و
العرضية [1] .
و من الكلمات الرفيعة فى ذلك ما أفاده صائن الدين على بن التركة فى تمهيد
القواعد من أن من الأشياء الخفية ما لا يصل اليه العقل بذاته بل انما يصل اليه و
يدركه باستعانة قوة أخرى هى إشرف منه و باستعانة نور أضوأ و أتم منه مقتبسا من
مشكوة الزجاجة الانسانية التى فيها المصباح [2] .
و تلك المكاشفات و المشاهدات , هى فى الحقيقة تخطى النفس إلى عالم
المفارقات , و هو