يحصل للكامل فى الحكمتين العلمية و العملية , أى لمن صار عقله النظرى و قوته
العلامة كالعمالة بالفعل , و هؤلاء - كما
قال الوصى عليه السلام لتلميذه كميل الكامل النخعى - : ( أولئك و الله الاقلون
عددا , و الأعظمون عند الله قدرا
فتدبر قوله سبحانه :
( كلا إن كتاب الأبرار لفى عليين , و ما أدريك ما عليون , كتاب مرقوم يشهده
المقربون)
[1] .
قال رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم( : - من أخلص لله أربعين صباحا
ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) .
و قال الامام باقر علوم الأولين و الاخرين - عليه السلام( : - ما أخلص العبد
الايمان بالله - عز وجل - أربعين يوما) أو قال( : ما أجمل عبد ذكر الله -
عز
وجل - أربعين يوما , إلا زهده الله - عز وجل - فى الدنيا , و بصره داءها و دواءها
, فأثبت الحكمة فى قلبه و أنطق به لسانه)
.
و للأربعينات تأثير غريب فى النفوس المستعدة . و من جمع الرياضة العلمية
مع العملية فقد حاز المنقبتين , و من أدرك الحقائق بنور البرهان وضياء الكشف و
العيان فقد فاز بالحسنيين .
و قد قال صاحب الفتوحات المكية فى آخر الباب الثانى عشر منه : نحن زدنا مع
الايمان بالأخبار الكشف [2] .
و قال صاحب الأسفار فى الفصل السادس عشر من الموقف الثامن من آلهياته :
نحن بحمد الله عرفنا ذلك بالبرهان و الايمان جميعا ( ج 3 ط 1 ص 139 ) .
و المحقق الطوسى فى شرحه على تاسع النمط العاشر من الاشارات فسر الحكمة
المتعالية بان حكمة المشائين حكمة بحثية صرفة , و الأحكام التى تتم مع البحث و
النظر بالكشف و الذوق فالحكمة المشتملة عليها متعالية بالقياس إلى الأولى .
و الذوق هذا هو اصطلاح عرفانى أدرجه الطوسى فى كلامه , و قد فسره القيصرى فى
شرحه على الفص الهودى من فصوص الحكم [3] بقوله([ : المراد بالذوق ما يجده
العالم على