قال([ : فى السنة التى تجاسرت أيادى الظلمة و اهانت برمى المدفع الى مرقد
ثامن
الحجج الامام على بن موسى الرضا - عليه الصلوة و السلام - , أنى رأيت فى المنام
قبل تلك الواقعة الهائلة ببضع ليال , أن دخانا غليظا أسود مسموما تصاعد من
جانب الشرق ثم انتشر كالغبار المسموم فى الهواء حتى بلغ جميع العالم و احاط
الجو كله و غشى الناس كلهم , ثم كل من كان من الصلحاء و المؤمنين صار منه
مسموما و هلك , و أما غيرهم فالدخان لا يضرهم و لا يصيبهم فبعد أيام قليلة رأينا
أنها قد وقعت تلك الواقعة الهائلة و انتقلنا إلى تعبير تلك الرؤيا المعجبة
المدهشة .
ج - غرضنا فى هذا الرقم أن التمثلات المنامية , كالتمثلات الكشفية هى تصور
المعانى المرسلة فى مصنع قوة الخيال من النفس بحسب أستعدادها الخاص لها كما
أن جميع ما يفيض عليها من قدس الملكوت كان كذلك . و بنظر أشمخ و ارفع ان
الانسان بحسب اقتضاء عينه الثابتة يفيض عليه من العالم القدسى صور الحقائق
مطلقا فقد أجاد الشيخ الأكبر فى الفص الشيثى من فصوص الحكم و شارحه العلامة
العارف القيصرى ما أفادا من أن أى صاحب كشف شاهد صورة تلقى اليه ما لم يكن
عنده من المعارف و تمنحه ما لم يكن قبل ذلك فى يده فتلك الصورة عينه لا غيره
فمن شجرة نفسه جنى ثمرة غرسه , و ذلك لان تلك الصورة هى من صور استعداداته
التى
بعينه الثابتة تتمثل فى عالم الأرواح الذى هو المثال المطلق , أو فى الخيال
الذى
هو المثال المقيد فتلقى اليه , فهو المفيض على نفسه لا غيره , إذ كل ما يفيض
عليه أنما هو من عينه و بحسب استعداداته . و لكون كل انسان مشتملا على ما اشتمل
عليه العالم الكبير لا يحتاج أن يقال إنها صورة ملك أو جن أو كامل من الكمل ,
بل عينه اقتضت أن يتصور حقيقة من حقائقه بتلك الصورة و تلقيه على قلبه المشغول
بتدبير جسده فيطلع عليه , كالصورة الظاهرة منه فى مقابلة الجسم الصقيل ليس
غيره , إلا أن المحل أو الحضرة التى رأى فيها صورة نفسه تلقى اليه بتقلب من وجه
الحقيقة تلك الحضرة , أى ليس ذلك المرئى غير الرائى , كما أن الصورة الظاهرة
فى المرآة ليست غيره إلا أن الحضرة التى رأى فيها صورة نفسه تلقى الى الرائى
صورته متقلبا من وجه , لذلك يظهر الخير المحسن على أحسن الصور , و الشرير
الظالم على أقبحها كصورة الكلب و السباع و ذلك لما يقتضيه حقيقة تلك الحضرة
فان الخيال يظهر الأعيان كما هى , أو على صور صفات غالبة عليها لا غير فيحتاج
الى التعبير [1] .