- قال الفاضل الشيخ سيد على الطوبجى السيوطى فى مقدمته على السعادة لابن مسكويه
ما هذا لفظه[ : . . . فالنبى ( ص ) و هو القول المعمول عليه أنه لم يخرج من
الدنيا حتى اطلعه الله على ما كان و على ما يكون مما يناسب عقول البشر . و لقد
أخطأ من قال مفسرا لكلام أبى بكر الرازى فى قوله( : من عرف نفسه عرف ربه) :
أنت لا تعرف نفسك فلا تطمع فى معرفة كنه ربك فقد علق مستحيلا على مستحيل .
ثم قال فى تعليقة منه على قوله( : مفسرا لكلام ابى بكر الرازى) ما هذا
لفظه
: قد اشتهر عند المؤلفين و أرباب الحواشى و الصوفية بأنه حديث , و لكن ليس
بحديث بل انما هو من كلام أبى بكر الرازى كما فى الدرر المنتثرة للسيوطى , و
الفتاوى لابن حجر] [1] .
و أنا أقول : يعنى بابى بكر الرازى هذا ابا زكريا يحيى بن معاذ الواعظ . و فى
وفيات الاعيان لابن خلكان : ابو زكريا يحيى بن معاذ الرازى الواعظ احد رجال
الطريقة . ذكره ابو القاسم القشيرى فى الرسالة , و عده من جملة المشايخ . و قال
فى حقه( : نسيج وحده فى وقته , له لسان فى الرجاء خصوصا , و كلام فى المعرفة
) . ثم فى الوفيات بعد تاريخ حياته و نقل طائفة من كلماته فى المعرفة قال( :
و له
فى هذا الباب كل كلام مليح) . و توفى يوم الاثنين لست عشرة ليلة خلت من
جمادى
الأولى سنة ثمان و خمسين و مائتين . و ما نقل ابن خلكان هذا الكلام اعنى حديث (
من عرف . . . ) عنه , مع انه من غرر الكلمات القصار فى المعرفة .
و انما قلنا ان الرازى هذا هو يحيى بن معاذ لما قاله على بن سلطان محمد
القارى ء , المشهور بالملا على القارى فى كتابه الأسرار المرفوعة فى الاخبار
الموضوعة المعروف بالموضوعات الكبرى و هذا لفظه فيه([ : حديث
من عرف نفسه فقد عرف ربه
, قال ابن تيمية : موضوع . و قال السمعانى : انه لا يعرف مرفوعا , و انما يحكى
عن يحيى بن معاذ الرازى من قوله . و قال النووى : انه ليس بثابت , يعنى عن
النبى عليه الصلوة و السلام , و إلا فمعناه ثابت . فقد قيل : من عرف نفسه بالجهل
فقد عرف ربه بالعلم . و من عرف نفسه بالفناء فقد عرف ربه بالبقاء , و من
عرف نفسه بالعجز و الضعف فقد عرف ربه بالقدرة و القوة . و هو مستفاد من
قوله تعالى
( : و من يرغب عن ملة ابراهيم إلا من سفه نفسه)
أى جهلها حيث لم يعرف ربها [2] .
[1] كتاب السعادة لابن مسكويه بمقدمة الطوبجى , طبع مصر لسنة 1346 ه . ق , ص
13 .
[2] الموضوعات الكبرى , الحديث 506 , طبع بيروت , ص 351 , 352 , طبع دهلى
ص 72 .