و يقال صورة لما تتقوم به المادة بالفعل فلا تكون حينئذ الجواهر العقلية و
الأعراض صورا . و يقال صورة لما تكمل به المادة و ان لم تكن متقومة بها بالفعل
مثل الصحة و ما يتحرك اليها بالطبع . و يقال صورة خاصة لما يحدث فى المواد
بالصناعة من الأشكال و غيرها . و يقال صورة لنوع الشى ء و لجنسه و لفصله و لجميع
ذلك و تكون كلية الكل صورة فى الأجزاء ايضا]( [1] .
و أما تعليقة صدر المتألهين فى الموضع الثانى فقال( : قد ذكر للصورة معانى
متعددة تقال عليها بالاشتراك اللفظى كما يراه الجمهور , و من أمعن النظر الى
هذه المعانى الستة وجدها كلها متفقة فى أمر واحد و هو كون الشى ء بالفعل , فيمكن
إرجاعها الى معنى واحد هو معنى الصورة , و يكون الاختلاف راجعة الى أمور أخرى
بأن نقول : ان الذى هو بالفعل إما بحسب المعنى و المفهوم , أو بحسب الوجود و
الحقيقة و الأول هو السادس , و الثانى إما شرطه أن يقارن أمرا بالقوة أولا و
الثانى هو المعنى الأول و بهذا الوجه يقال للمفارق إنها صورة بلا مادة , و كذا
للصورة المنتزعة عن المواد بتجريد مجرد و نزع نازع اياها , و يقال للواجب
تعالى انه صورة الصور لأن فعلية الوجود فيه اقوى و اتم و اشد ارتفاعا عن ما
بالقوة , و الثانى هو الذى يقارن ما بالقوة فبالضرورة يخرج به ما بالقوة منها
الى الفعل فذلك الخروج إما بصناعة أو لا بصناعة و الأول هو الخامس , و الثانى
اما مطلقا أو لا و الأول هو الثانى , و الثانى لا يخلو إما فى كماله الأول اولا و
الأول هو الثالث , و الثانى هو الرابع) .
و أما قوله( : و يكون كلية الكل صورة فى الأجزاء) معناه أن الأمور الكثيرة
التى ليس لها جزء صورى حقيقى يقال لكليتها و جمعيتها انها صورة فى الأجزاء , و
لا شك أن هذا القول قول مجازى تشبيها للاعتبار الذهنى للوحدة بالصورة الخارجية
التى هى جهة الوحدة [2] .
اعلم ان المراد من آدم فى
قوله صلى الله عليه و آله و سلم خلق الله آدم على صورته ,
و نحوه , ليس هو آدم الشخصى بل المراد آدم النوعى . و افاد فى ذلك العارف
المتأله السيد حيدر الاملى فى جامع الاسرار بقوله([ : الانسان مظهر جميع الاسماء
الجلالية و الجمالية لقوله تعالى( : و علم آدم الاسماء كلها) ,
و لقول النبى صلى الله عليه و آله و سلم( : خلق الله آدم على صورته)
. و معلوم أن كل من يكون على صورته , يكون جامعا لجميع اسمائه و صفاته الى
قوله([ : و المراد بادم ليس آدم فقط , بل المراد باتفاق أكثر المفسرين فى
اكثر