الحديث الاول من كتاب الاستئذان من جامع البخارى
عنه - صلى الله عليه و آله و سلم - قال( : خلق الله عز وجل آدم على صورته)
. و مثله فى جامع مسلم [1] , و كذا فى مسند ابن حنبل [2] .
و لك ان تقول([ : لكل طائفة فى فنهم اصطلاحات خاصة , و ليس يلازم أن يبتنى
الاصطلاح على آية أو رواية , كما ترى أن اصطلاحات القارى ء فى قرائة القرآن , و
المحدث فى أسامى الحديث , و الأصولى فى الفاظ اصول الفقه , و هكذا اصطلاحات
غيرهم فى علومهم و صنائعهم ليست مبتنية عليهما . و ها هنا أيضا اطلاق الصورة
على موجود بالفعل , و كونه تعالى شأنه صورة الصور أنما هو على اصطلاح هذه
الطائفة فى بيان التوحيد الأصيل الحقانى , و التمسك بالأثر على نحو الاستحسان
أو الاستظهار فاذا كان الحديث كما فى العيون فالصواب أن لا يتمسك به فى ايفاء
ذلك المعنى فقط , لا أن ذلك المعنى على ذلك الاصطلاح غير صواب رأسا .
و قد أشرنا الى أن معانى الصورة مذكورة فى الموضعين من الشفاء . و هى فيهما
يرجع بعضها الى بعض و ان اختلفت العبارات . و لصدر المتألهين تعليقة مفيدة
على الموضع الثانى منهما . و المعرفة بها توجب زيادة بصيرة فيما نحن بصدده من
بيان مطالب العيون و هى ما يلى :
اما فى الموضع الأول من الشفاء فقال( : أما الصورة فقد يقال للماهية التى
اذا حصلت فى المادة قومتها نوعا . و يقال صورة لنفس النوع . و يقال صورة
للشكل و التخطيط خاصة . و يقال صورة لهيئة الاجتماع كهيئة العسكر , و صورة
المقدمات المقترنة . و يقال صورة للنظام المستحفظ كالشريعة . و يقال صورة لكل
هيئة كيف كانت . و يقال صورة لحقيقة كل شى ء كان جوهرا أو عرضا و تفارق النوع
فان هذا قد يقال للجنس الأعلى . و ربما قيل صورة للمعقولات المفارقة للمادة)
[3] .
و اما فى الموضع الثانى منه فقال([ : و أما الصورة فنقول : قد يقال صورة لكل
معنى بالفعل يصلح أن يعقل حتى تكون الجواهر المفارقة صورا بهذا المعنى . و قد
يقال صورة لكل هيئة و فعل يكون فى قابل وحدانى او بالتركيب حتى تكون الحركات
و الأعراض صورا .