بذاتها لأنها من شئون النفس و اطوارها , و تلك الملكات هى مواد الصور
البرزخية
المثالية و ما فوقها و ما يتفرع عليهما فالعمل قشر و التجسم لبه , فافهم .
و قد يعبر فى الأسفار عن هذا التجسم بالتجسد و التمثل . قال فى الفصل السابع
و العشرين من الباب الحادى عشر من كتاب النفس فى معنى تجسد المعانى و تجسد
الارواح ما هذا لفظه( : و تلك الصور المشهودة للنفس قد علمت أنها ليست
خارجة عن ذاتها , بل عينها فالأجساد فى الاخرة و فى عالم الخيال عين الارواح و
هذا معنى تجسد المعانى و تجسد الارواح و هى لا تكون إلا فى ذلك العالم , و أما فى
هذا العالم فالارواح يتعلق بهذه الأجساد لا انها تتجسد , و كذلك الأجساد فى
الاخرة تروحن و فى الدنيا لا يكون كذلك) [1] .
و تدبر . قوله فى الفصل السابع عشر من الباب المذكور( : فصل فى أن أى
الاجسام يحشر فى الاخرة و أيها لا يحشر) [2] .
و قوله( : فى الفصل الثالث من ذلك الباب فى دفع شبه المنكرين و شكوك
الجاحدين لحشر الاجساد فى دفع شبهة الاكل و المأكول) حيث قال( : و اندفاعه
ظاهر
بما مر من أن تشخص كل انسان أنما يكون بنفسه لا ببدنه , و أن البدن المعتبر فيه
امر مبهم لا تحصل له بنفسه و ليس له من هذه الحيثية تعين و لا ذات ثابتة , و لا
يلزم من كون بدن زيد مثلا محشورا أن يكون الجسم الذى منه صار مأكولا لسبع او
انسان آخر محشورا , بل كلما يتعلق به نفسه فهو بعينه بدنه الذى كان . فالاعتقاد
بحشر الأبدان يوم القيامة هو أن يبعث ابدان من القبور اذا رأى أحد كل واحد
واحد
منها يقول هذا فلان بعينه و هذا بهمان بعينه . او هذا بدن فلان و هذا بدن بهمان ,
و لا يلزم من ذلك ان يكون غير مبدل الوجود و الهوية - الى آخر ما افاد) [3]
.
اقول : قوله( : امر مبهم) , أى بنحو لا بشرط , و الأبدان فى عبارته هو ما
تقدم فى هذه العيون من أن البدن الأخروى هو الدنيوى بعينه و بشخصه و الامتياز
بينهما ليس الا بالكمال و النقص .
و قوله( : هو أن يبعث ابدان من القبور) , يعنى هو أن يبعث أبدان متجسدة
برزخية