من اسباب التكثر إما لتكثر العلة , و إما لاختلاف القابل , و إما لاختلاف الالات و
إما لترتب المعلومات فى انفسها , و النفس الناطقة جوهر بسيط و لو كان مركبا
فلا تبلغ كثرتها إلى أن تساوى كثرة افاعليها الغير المتناهية . و لا يمكن أيضا أن
يكون بسبب كثرة القابل لأن القابل لتلك التعقلات هو ذات النفس وجوهرها . و
لا
يمكن ذلك لترتب الأفاعيل فى انفسها فان تصور السواد ليس بواسطة تصور البياض
و بالعكس , و كذلك فى كثير من التصورات و كثير من التصديقات التى ليس بعضها
مقوما للاخر أو كاسبا له .
فبقى أن يكون ذلك بسبب اختلاف الالات فان الحواس المختلفة الالات كالجواسيس
المختلفة الاخبار عن النواحى تعد النفس للاطلاع بتلك الصور العقلية المجردة . و
الاحساسات الجزئية إنما تتكثر بسبب اختلاف حركات البدن لجلب المنافع , و
الخيرات , و دفع الشرور , و المضار فبذلك ينتفع النفس بالحس , ثم يعدها ذلك
لحصول تلك التصورات الاولية و التصديقات الاولية , ثم يمتزج بعضها ببعض و
يتحصل من هناك تصورات و تصديقات مكتسبة لا نهاية لها .
فالحاصل , أن حصول التصورات و التصديقات الاولية الكثيرة أنما هو بسبب
اختلاف الالات و حصول التصورات و التصديقات المكتسبة بحسب امتزاج تلك العلوم
الأولية بعضها ببعض و هى لا محالة مترتبة ترتيبا طبيعيا كل مقدم منها علة
للمتأخر .
تبصرة : التعقلات فى هذه العين ايضا شاملة للعلوم كلها بما تقدم بيانه فى
العين السابقة .