الشواهد فى ذلك محرر فى تعالقتنا على المبحث الوجود الذهنى من الأسفار , و فى
رسالتنا( النور المتجلى فى الظهور الظلى) أيضا .
اعلم أن المعلوم بالذات هو الصورة النورية المتحققة فى حاق ذاتك , و أما
المعلوم بالعرض هو الشى ء الخارج عنك لا مطلقا , بل من حيث إنه محكى تلك
الصورة المعلومة بالذات , أى وقع بين النفس و بينها نحو اضافة و نسبة .
فليطلب تفصيل البحث عنه من الأسفار [1] و من تعليقاتنا على تلك المواضع .
و ان شئت فراجع الى الدرس الحادى عشر من كتابنا اتحاد العاقل و المعقول [2]
.
فبما قدمنا دريت أن الحصولى حضورى محاك , و الحضورى غير محاك لانه عين
المعلوم , و الأول مقسم التصور و التصديق بخلاف الثانى .
و اعلم أن العلم الحضورى الذى يقول به اهل الحكمة الذائعة من أن نفس الصورة
المنتزعة من الاشياء الخارجية حاضرة عند النفس من دون اتحادها بالعالم فهو
بمعزل عن التحقيق , و التحقيق أن معنى كون العلم حضوريا أن تلك الصورة منشأة
بانشاء النفس و صارت نور حاق هويتها و اتحدت بها وجودا على التفصيل فى
مصدريتها و مظهريتها فراجع الى الدرس السادس من كتابنا فى الاتحاد [3] .
و مما حررنا فى ذلك الدرس هو أن الجمهور ذهبوا إلى أن علم النفس بالأشياء
الخارجية ارتسامى , أى الأشياء معلومة لها بالعرض و صورها معلومة لها بالذات
لا أنها أيضا معلومة لها بالعلم الارتسامى أى بالعرض أيضا حتى يكون للصور صور أخرى
و هلم جرا , فعلم النفس بتلك الأشياء الخارجية يكون ارتساميا , و بصورها
حضوريا أى إن نفس صورها حاضرة لدى النفس .
و أما على مشرب التحقيق فى الحكمة المتعالية الذى عليه صدر المتألهين فمعنى
كون العلم حضوريا أن تلك الصورة صارت راسخة فى متن جوهر النفس بشراشرها و
نافذة فى ذات هويتها حتى يصير العلم عين النفس و نور حاق هويتها كما تفطن به
القائلون باتحاد العاقل بالمعقول بل المدرك بالمدرك مطلقا , على أن العلم على
هذا المشرب المتعالى ليس إلا