و ثانيهما هو الذى وجوده فى نفسه غير وجوده لمدركه و صورته العينية ليست هى
بعينها صورته العلمية و هو المعلوم بالعرض .
فاذا قيل : العلم عبارة عن الصورة الحاصلة عن الشى ء عند المدرك اريد
بالمعلوم
به الأمر الخارج من القوة المدركة كالسماء و الارض و البيت و الحجر و الشجر و
الفرس و الانسان و سائر الماديات و أحوالها . و كثيرا ما يراد من الخارج فى
كلامهم نفس الامر , فتدبر .
و اذا قيل : العلم عبارة عن حضور صورة شى ء للمدرك عنى به العلم الذى هو نفس
المعلوم لا شى ء غيره . و فى كل من القسمين المعلوم بالحقيقة و المكشوف بالذات
هو الصورة التى وجودها وجود نورى ادراكى خالص عن الغواشى المادية غير مخلوط
بالأعدام و الظلمات]( [1] .
و أيضا فى هذا الفصل المذكور( : كما أن العلم بالشى ء قد يكون صورة ذهنية
كما فى علمنا بالأشياء الخارجة عنا علما عقليا و ذلك العلم لا محالة امر كلى و
ان تخصصت بالف تخصص , فكذلك قد يكون امرا عينيا و صورة خارجية كما فى علمنا
بنفسنا و بصفاتنا اللازمة فانا ندرك ذواتنا بعين صورتنا التى نحن بها نحن لا
بصورة زائدة عليها , فان كل انسان يدرك ذاته على الوجه الذى يمتنع فيه الشركة
. و لو كان هذا الادراك بصورة حاصلة فى نفسنا فهى تكون كلية , و ان كانت مجموع
كليات جملتها تختص بذات واحدة اذ مع ذلك لا يخرج نفس تصوره عن احتمال الصدق
على كثيرين) [2] .
اقول : جملة الأمر فى العلم الحصولى و الحضورى على ما هو المحقق فى الحكمة
المتعالية و الصحف العرفانية أن العلم مطلقا و ان كان من حيث إنه متحد بالعالم
وجودا حضورى و لكن العلم الذى أنشأه النفس على وزان المعلوم الخارجى و هو
حاك عنه و مرآة له فهو يسمى بهذا اللحاظ أعنى محاكاته الخارج علما حصوليا ,
و وجودا ذهنيا أيضا فالوجود الذهنى هو حصول صورة الشى ء عند النفس محاكية عنه
فالعلم الحضورى هو عين المعلوم بخلاف الحصولى فانه محاك عن الخارج و تفصيل
البحث عن ذلك الوجود و كذا نقل