بين جنبيك .
و قال([ : إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم , و هذا شأن النفس , و لو كان
تكذيبه للعقل موجبا لكونه شيطانا لكان العقل أيضا كذلك , لأنه يكذب ما وراء
طوره مما يدرك بالمكاشفات الحقيقية كاحوال الاخرة ,
و ايضا ادراكه - أى ادراك الوهم - للمعانى الجزئية و اظهاره لها حق و نوع من
الهداية للاهتداء به فى الجزئيات التى هى نهاية المظاهر , قال الشيخ فى الفص
الالياسى فالوهم هو السلطان الأعظم فى هذه الصورة الكاملة الانسانية و به جائت
الشرائع فشبهت - أى الشرائع - و نزهت , و الشيطان مظهر الاضلال و الاغواء لا
للاهتداء و فى باقى الحيوانات فهو - أى الوهم - بمثابة العقل , و من أمعن النظر
يعلم أن القوة الوهمية هى التى - الى آخر ما نقلناه عنه فى حرف( ز) من هذه
العين [1] .
2 - قال الجامى فى نقد الفصوص( : قال بعض العارفين : العقل الأول ملك
مقرب
و كله الله - تعالى - بالدعوة اليه - سبحانه , و العقل الثانى ملك و كله الله
- تعالى - بالدعوة الى عالم الصور لتعميره فصار لبعده عن الحضرة و دعوته
الأنسان
الكامل إلى أكل شجرة الطبيعة شيطانا و هو لا يزال يدعو الانسان إلى الدنيا و عمارتها
بمعاونة القوى الطبيعية التى رفقاء النفس . و ما توهم بعضهم ان ابليس هو
القوة الوهمية التى فى العالم , و القوة الوهمية التى فى الاشخاص الانسانية و
الحيوانية افرادها سميت شيطانا لمعارضتها مع العقل الهادى طريق الحق , فقد
أبطله الشيخ شرف الدين داود القيصرى فى شرحه للفصوص فليطلب ثمة) .
و لا يخفى عليك انه يشير فى قوله فليطلب ثمة , إلى ما نقلناه عن القيصرى فى
عدد][1]] من هذه التبصرة .
3 - قال صدر المتألهين فى المبدأ و المعاد([ : لأحد أن يتصور فى مقابلة هذا
المدبر لهذا العالم على وجه الخير و الصلاح المتكون من بعض قوى الأجرام الفلكية
موجودا آخر نفسانيا متولدا من طبيعة دخانية يغلب عليه الشرارة و الاغواء و الاضلال
و يكون له سلطنة بحسب الطبع على الأجسام الدخانية و البخارية و نفوسها الجزئية
و الطبائع الوهمانية , و يطيعها تلك النفوس و القوى الوهمانية لمناسبة النقص
و الشرارة , و يكون المسمى بابليس الوارد على لسان النبوات هو هذا الشرير
المغوى المضل , و كونه مجبولا على الاغواء