و المحقق الطوسى بعد ما فسر انواع الادراك الاربعة على ممشى المشاء , قال فى
وجه التثليث فى عبارة الشيخ المذكورة ما هذا لفظه([ : إنها - أى الادراكات -
اذا
قيست الى مدرك واحد سقط الوهم عن الاعتبار لانه لايدرك ما يدركه الحس و الخيال
بانفراده بل يدرك ما يدركه بمشاركة الخيال , و بذلك يتحصص مدركه و يصير جزئيا
, و لذلك لم يعتبره الشيخ فى هذا الكتاب و اعتبره فى سائر كتبه بالوجه الأول
. انتهى ما اردنا من نقل كلامه .
مراده من الوجه الاول هو أن الادراكات لا تقاس الى مدرك واحد , اى انها اذا
قيست الى مدرك واحد سقط الوهم عن الاعتبار , و اما مع عدم القياس الى مدرك
واحد فالوهم معتبر . و لكن الصواب ما بيناه من عدول الشيخ عن تربيع الادراك
الى تثليثه .
ثم من الامر الأهم فى المقام هو الوصول الى معنى التجريد و سيأتى البحث عن
ذلك فى العين الثالثة و الثلاثين فى الانشاء و الانتزاع , فارتقب .
تبصره : فى هذه التبصرة نذكر عدة أقوال فى الوهمية غير ما تقدم فى هذه العين
من أن الوهم عقل ساقط . و تلك الأقوال فى أن ابليس هل هو القوة الوهمية أو
غيرها , و البحث عن ابليس و إن كان بحثا إبليسيا , و الحوار فى الشيطان و إن كان
حوارا شيطانيا , ينجر الى المراء الشيطانى و الجدال بالتى هى غير أحسن , و لكن
ابليس جزء من العالم و مربوب لحقيقة آدم و مع ذلك اخرجه من الجنة و اضله
بالوسوسة كما قلت فى غزل بالفارسية :
(
شيطان كه جزء عالم و مربوب آدم است *** يا رب عنايتى كه زچنگش رها رويم
)
على أن التكليف و ارسال الرسل و انزال الكتب كلها لاعتلاء النفوس إلى بارئها
تعالى شأنه - , و هو لا يتحقق إلا بالاعراض عن اضلال ابليس و وسوسته , فقد أوجب
هذه الأنظار و نظائرها فى ابليس نقل طائفة من الاراء حوله , و لا حول و لا قوة إلا
بالله :
1 - قيل ابليس هو القوة الوهمية الكلية التى فى العالم الكبير , و القوى
الوهمية التى فى الاشخاص الانسانية و الحيوانية افرادها لمعارضتها مع العقل
الهادى طريق الحق . و فيه نظر لأن النفس المنطبعة هى الأمارة بالسوء , و الوهم
من
سدنتها و تحت حكمها لأنها من قواها , فهى - اى النفس الأمارة - أولى بذلك ,
كما قال - تعالى -
( و نعلم ما توسوس به نفسه)
, و قال :
( إن النفس لأمارة بالسوء)
,