ه - إن هذه القوى و ان تكثرت و تعددت بحسب تعدد آلاتها و افعالها و
انفعالاتها
فى عالم الطبيعة و الحس لانه عالم التفرقة و التزاحم و الانقسام إلا أنها مجتمعة فى
ذات النفس على نعت الوحدة , إذ لا شبهة لأحد فى أن كل شخص من الانسان له هوية
واحدة و نفس واحدة منها يصدر جميع الأفعال المنسوبة اليه . و مع ذلك لا شبهة
أيضا
لمن له تدرب فى الصناعة أن الحاكم الحسى لابد أن يكون من باب الحس و المحسوس
, و الحاكم الخيالى لابد أن يكون مرتبته مرتبة القوة الخيالية , و الحاكم العقلى
العملى لابد أن يكون مرتبته مرتبة المجرد ذاتا المتعلق نسبة و اضافة الى الصور
الجزئية كما ذكرنا فى باب الوهم و الموهومات انه عقل مضاف الى الحس , و كذا
العقل النظرى مرتبته مرتبة العقل المفارق المحض . فثبت من هذا أن النفس تنتقل
انتقالا جوهريا من طور إلى طور [1] .
و - ذهب المير محمد باقر الداماد الى ان انواع الادراك ثلاثة هى الاحساس , و
التخيل و التعقل , و ان الوهم عقل ساقط . صرح بذلك فى الجذوة الحادية عشرة من
الجذوات [2] و فى كتابه تقويم الايمان ايضا .
ز - قال العلامة القيصرى فى شرح الفص الادمى من فصوص الحكم([ : [3] من
أمعن النظر يعلم أن القوة الوهمية هى التى اذا قويت و تنورت تصير عقلا مدركا
للكليات و ذلك لأنه نور من انوار العقل الكلى المنزل الى العالم السفلى مع
الروح الانسانى فصغر وضعف نوريته و ادراكه لبعده من منبع الأنوار العقلية فتسمى
بالوهم . فاذا رجع و تنور بحسب اعتدال المزاج الانسانى قوى ادراكه و صار عقلا من
العقول , كذلك يترقى العقل ايضا و يصير عقلا مستفادا]( .
اقول : كلامه السامى ناص على أن النفس تنتقل انتقالا جوهريا من طور الى طور ,
و ان العقل النظرى مرتبته مرتبة العقل المفارق المحض , فتدبر , و أن الموهوم
يصير معقولا و الوهم يصير عقلا كما أن الحس يصير عقلا و المحسوس معقولا , فافهم .
ح - الشيخ الرئيس قد عدل فى الفصل الثامن من النمط الثالث من الاشارات عن
تربيع الادراك الى تثليثه . و كان المشاء قائلين بتربيعه .