الشخصى عين جسميته , و وحدته عين اتصاله , و كان ادراك عداوته كادراك وجوده
وحدته فكان ادراكه حينئذ بالحس لا بالوهم , و بالجملة كل معنى كلى معقول اذا
وجد فى الأشخاص الجزئية فوجوده فيها إما باعتبار ان الذهن ينتزع منها ذلك
المعنى كالعلية و المعلولية و التقدم و التأخر و سائر الاضافات كالابوة و البنوة
و غيرها .
و اما باعتبار أن لها صورة فى تلك الاشخاص كالسواد و الرائحة و الطعم .
فادراك القسم الاول إما بالعقل الصرف و ذلك اذا كان ادراكها مع قطع النظر عن
متعلقاتها . و إما بالوهم اذا ادركت متعلقة بشخص معين أو اشخاص معينة .
و ادراك القسم الثانى بشى ء من الحواس او بالخيال . فالعداوة مثلا من قبيل
القسم الأول و ان كانت متعلقة بخصوصية فهى امر كلى مضاف الى تلك الخصوصية ,
و ليس لها قيام بالاجسام و ادراكها بالوهم لا بالحس , فالوهم يدرك الكلى المقيد
بقيد جزئى [1] .
قوله( : فان وجود الجسم الشخصى) , تعليل لكون وجوده و وحدته محسوسين .
و قوله( : و ادراك القسم الثانى) , و هو مالها صورة فى الاشخاص .
ج - التحقيق أن وجود الوهم كوجود مدركاته امر غير مستقل الذات و الهوية , و
نسبة مدركاته الى مدركات العقل كنسبة الحصة من النوع الى الطبيعة الكلية
النوعية فان الحصة طبيعة مقيدة بقيد شخصى على أن يكون القيد خارجا عنها , و
الاضافة اليه داخلا فيها على انها اضافة لا على أنها مضاف اليه , و على أنها نسبة
و تقييد لا على انها ضميمة و قيد . فالعداوة المطلقة يدركها العقل الخالص , و
العداوة المنسوبة الى الصورة الشخصية يدركها العقل المتعلق بالخيال , و العداوة
المنضمة الى الصورة الشخصية يدركها العقل المشوب بالخيال . فالعقل الخالص مجرد
عن الكونين ذاتا و فعلا , و الوهم مجرد عن هذا العالم ذاتا و تعلقا , و عن
الصورة الخيالية ذاتا لا تعلقا , و الخيال مجرد عن هذا العالم ذاتا لا تعلقا [2] .
قوله( : امر غير مستقل الذات و الهوية) , يعنى انه مرتبة نازلة من العقل
.
و قوله( : عن الكونين) , أى الخارجى و الخيالى .
د - قد سبق أن القوة الوهمية مجردة عن المادة لا عن اضافتها , و كذلك حكم
مدركاتها [3] .
[1] الفصل الثالث من الباب الخامس من نفس الاسفار , ط 1 , ج 4 , ص 52 .