و كلامه هذا أيضا قد تكرر فى الفصل السادس من الباب الخامس من كتاب النفس
حيث قال[ : و ما أسخف القول بأن النفس عند كونها صورة الطفل بل الجنين إلى
حد كونها عقلا بالفعل مستحضرة للمعقولات مجاورة للملأ الاعلى عند المقربين جوهر
واحد بلا تفاوت فى ذاته , انما التفاوت فى اضافاته و أعراضه اللاحقة حتى أن
انفس البله و الصبيان و نفوس الأنبياء - عليهم السلام - متحدة بالحقيقة و
الماهية و انما الاختلاف و التفاضل بينهم بضمائم خارجة بعضها من باب السلوب و
الاضافات و بعضها من باب الكيفيات . فاذا كان كذلك كان فضيلة افراد الانسان
بعضها على بعض بشى ء خارج عن الانسانية . فاذا الفضيلة بالذات لذلك الشى ء لا
للانسان . فاذا قيل النبى ( ص ) اشرف افراد الانسان كان معناه ان شيئا خارجا من
حقيقته و حقيقة أمته كالعلم و القدرة هو اشرف منهم فلا فضيلة له فى ذاته بذاته
من حيث هويته و ماهيته على سائر الأفراد و هذا قبيح فاسد عندنا فان جوهر نفس
النبى ( ص ) بحسب هويته التامة اشرف جواهر النفوس الادمية و اشدها قوة و
كمالا و انورها و أقواها تجوهرا و ذاتا و هوية] [1] .
و قال على هذا المنوال فى الفصل الثامن من المرحلة العاشرة من السفر الأول (
[ : ( 2 و العجب من الشيخ مع عظم شأنه و قدره حيث حكم بأن النفس الانسانية
من مبدأ كونها بالقوة فى كل ادراك حتى الاحساس و التخيل إلى غاية كونها عاقلا
بالفعل فى اكثر المعقولات , بل فى كلها كما هو شأن العقل البسيط , لم يصر بحيث
يصدق على ذاتها بذاتها شى ء من الأشياء التى لم يكن صادقا عليها فى اوائل الفطرة
حتى كانت نفوس الأنبياء - عليهم السلام - و نفوس المجانين و الاطفال بل الأجنة
فى بطون الامهات فى درجة واحدة من تجوهر الذات الانسانية و حقيقتها و انما
الاختلاف فى عوارض غريبة لاحقة للوجود الذى لها . نعم لو قيل ان هذه الكلمات
الوجودية كاصل الوجود مفهوماتها غير مفهوم الانسانية و ماهيتها فذلك كما قيل ,
بشرط أن يعلم ان زيادة الوجود على الماهية كما ذكر مرارا ليست إلا بحسب التصور
و المفهوم لا بحسب الحقيقة و الكون فان الوجود هو الاصل فى التحقق و الماهية
تابعة له] .