و معناه أن الجوهر النفسانى الانسانى مادة للصور الادراكية , و أن ذلك الجوهر
يتحصل بتلك الصور الأدراكية جوهرا آخر كماليا بالفعل من الأنواع المحصلة التى
يكون لها نحو آخر من الوجود غير الوجود الطبيعى الذى لهذه الأنواع المحصلة
الطبيعية , كما هو مبرهن فى الحكمة المتعالية و الصحف العرفانية فان الحركة فى
الجوهر و اشتداده باتحاد المغتذى بغذاه وجودا أى اتحاد المدرك بالمدرك ,
تعطى هذا الحكم الحكيم , و إن كان كل فرد من افراد الانسان مشتركا فى معنى النوع
الانسانى و ماهيته , و معنى تعريف النفس الذى تقدم فى العين الثانية .
و أما على مشى المشاء فالادراكات كمالات ثانوية طارية . فانهم ذهبوا إلى أن
افراد الانسان حتى الانبياء و الأولياء متفقة فى جوهر واحد مجرد و هو النفس و
الاختلاف بالصور العملية و الاخلاق الزائدة فتأمل .
قال صدر المتألهين فى آخر الفصل الاول من الباب السابع من كتاب النفس [1]
( : . . . فعلم من هيهنا أن النفس فى اول تكونها كالهيولى الأولى خالية عن كل
كمال صورى و صورة محسوسة او متخيلة او معقولة ثم تصير بحيث تكون فعالة للصور
المجردة عن المواد جزئية كانت او كلية و لا محالة تلك الصور اشرف و اعلى من
هذه الصور الكائنة الفاسدة . فما أشد سخافة رأى من زعم أن النفس بحسب جوهرها
و ذاتها شى ء واحد من أول تعلقها بالبدن إلى آخر بقائها) الخ .
قوله( : فما أشد سخافة) الخ , ناظر إلى ما ذهب اليه المتأخرون من المشاء و
من تبعهم من أن النفس فى اول تكونها جوهر مجرد عاقل حادث مع حدوث البدن كما
تقدم نقل ما