كو - و من تلك العيون ما هو البغية القصوى أن النفس عين مدركاتها مطلقا اى
اتحادها وجودا بأعمالها و علومها .
و هذه العين بحر عذب فرات سائغ شرابه و قد فجرت فانشعبت الى ثلاثة و عشرين
جدولا باذن الله - سبحانه - و مشيته فسميت بدروس اتحاد العاقل بالمعقول و الحمد
لله رب العالمين . و من هذه العين تشرب ماء معينا و هو أن العقل فى حركة إلا أن
حركته هو التعقل , فالتعقل فعل العقل , كما أن الفكر حركة بنحو آخر , فافهم .
و فى عدة مواضع من كتابنا الف نكتة و نكتة , اشارات لطيفة فى الاتحاد يغنيك
الرجوع الى فهرسه عن نقلها بالتفصيل هيهنا .
و من هذه العين تشرب أن الانسان ليس إلا علمه النافع و عمله الصالح . و أن
العلم و العمل جوهران . و كما ان العلم و العالم و المعلوم متحدة وجودا كذلك
العمل و العامل و المعمول .
و من الكلمات السامية فى المقام أن الفعليات بينها التنازع و التأبى فلا يتحد
بعضها ببعض , و لما كانت الهيولى قوة محضة و ابهاما صرفا لا تأبى و لا تعصى من
جانبها فتتحد بكل فعلية فعلية فالصورة النوعية المائية مثلا تأبى عن الهوائية لكن
هيولاها قابلة للهوائية , و إذا كانت هيولى الجسمانيات هكذا فما حدسك بهيولى
العقليات فى شدة لطافتها و تجردها و هى العقل الهيولانى الذى هو هيولى
المعقولات النفسانية ؟ ! فالنفس للطافتها بأى شى ء تتوجه تتصور بصورته و تتحد
بها [1] . و اليها يشير ما فى ديوانى [2] :