لا يفسد بفساد بدنه العنصرى , بل غير قابل للموت , باق ببقائه الأبدى . و أن
علم
الانسان و عمله جوهران مقومان لذاته و هما يتحدان به اتحادا و جوديا , اى الانسان
ليس الا علمه و عمله . و أن علمه مشخص روحه , و عمله مشخص بدنه الأخروى . و
أن جزاءه على وفق علمه و عمله , بل العلم و العمل نفس الجزاء . و أن المعرفة بذر
المشاهدة . و أن الملكات مواد الصور البرزخية من الأبدان المكسوبة و المكتسبة
, يعبرون عن تلك الصور بتجسم الاعمال من الجسم بمعناه الدهرى , و عن الانسان بأنه
فى هذه النشأة نوع تحته افراد و فى الاخرة جنس تحته انواع .
فمبحث النفس من غرر المباحث الحكمية فى جميع الصحف العلمية . و الذ
المعارف , و اعزها بعد معرفة الله تعالى شأنه معرفة الانسان نفسه , و هى من إهم
المعارف و أجلها , كيف لا و معرفتها أم الحكمة و اصلها , و مفتاح خزائن
الملكوت
, و مرقاة معرفة الرب لكونها مثال مفطرها ذاتا و صفة و فعلا , و لا طريق الى
وصول معرفة الرب إلا من معرفة الافاق و الانفس قال - عز من قائل - :
( سنريهم آياتنا فى الافاق و فى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق , او لم يكف
بربك انه على كل شى ء شهيد)
[1] .
و فى الحديث عنه - صلى الله عليه و آله و سلم( : - ما خلق الله شيئا أشبه
به من آدم) .
و عنه - عليه السلام - ايضا( : إن الله عز وجل خلق آدم على صورة الرحمن)
. و فى رواية اخرى( : إن الله خلق آدم و أولاده على صورة الرحمن)
و أخرى( : إن الله عز وجل خلق آدم على صورته)
و المروى عن الوصى الامام أمير المؤمنين على عليه السلام , و عن الامام الصادق
عليه السلام ايضا[ : الصورة الانسانية هى اكبر حجج الله على خلقه , و هى
الكتاب
الذى كتبه بيده , و هى الهيكل الذى بناه بحكمته , و هى مجموع صور العالمين ,
و هى المختصرة من اللوح المحفوظ , و هى الشاهدة على كل غائب , و هى الحجة على
كل جاحد , و هى الطريق المستقيم إلى كل خير , و هى الجسر ( الصراط - خ ) الممدود
بين الجنة و النار] .
بيان : الصورة هى كل معنى بالفعل . فالمراد بالصورة فى الحديث , الأسماء و
الصفات الالهية , أى خلقه موصوفا بجميع تلك الأسماء و الصفات و لذلك قال فى
خلق آدم الذى هو