الأربعة , و الثانى هو الثمانية , و الثالث هو الستة عشر , و على هذا القياس .
ثم فى المصباح كلام كامل فى القول و القائل و هو ما يلى :
و لما كان اخص خواص الصورة الانسانية القول و النطق الظاهرى و الباطنى , حيث
لا يوجد فى سائر الصور , كان مبدء سلطنة ادوار مظاهر الاسماء لتحقيق كمال الاستجلاء
مظهر القول , فاقتضى التجلى الثانى من حيث الاسم القائل بحكم المحبة الاصلية و
تحريكها للمفاتيح بحكم السراية فيها بعد تحققها بكمالاتها الاختصاصية تخمير طينة
آدم عليه السلام لأن هذه المظاهر كلها أجزاء اليد المضاف اليها تسويته , ثم نفخ
فيه بلا واسطة من روحه الاعظم فكان اثر الاسم القائل فيه اقوى لذلك اختص بانباء
الأسماء للملائكة , و كان موقفه برزخية السماء الدنيا بمجاورة الكوكب المختص
بمظهرية القائل , وكان فيها بيت العزة التى هو محل نزول القرآن جملة , و غير
ذلك , فكان صورة آدم الجامعة بين جميع الكمالات اصلا و منشئا لجميع الصور
الانسانية التخطيطية كما كان محمد - صلى الله عليه و آله و سلم - و حقيقته التى
هى حقيقة الحقائق منشئا و اصلا لجميع الحقائق و الارواح الانسانية و غير الانسانية
. انتهى ما افاده العلامة ابن الفنارى فى القول و القائل فى كتابه مصباح الانس فى
شرح مفتاح الغيب للصدر القونوى [1] .
و الغرض أنا لما رأينا أن معرفة النفس مدخل كل خير , و باب سائر ابواب
المعارف الحقة إلالهية , و ان الانسان بذلك الباب يلج ملكوت السموات و الأرض
, و يصل الى كماله اللائق له , اقتدينا بالعلماء الربانيين , و اهتممنا بتنميق
ما تيسر لنا فى ذلك الأمر الخطير - أعنى معرفة النفس - بعون الله المفيض
الوهاب الملهم الى الصواب , لعله يعد النفوس المستعدة لقرائة ما فى صحفهم
الأنفسية , و الفوز بسعادتهم الأبدية , و يوجب لنا الخير و البركة فان الدال
على الخير كفاعله , و إن المعين على عمل كعامله .
اعلم أن باب الغيب يفتح لنا بمعرفة النفس الناطقة . و أن طريقنا الى المعاد
هو
- كما سلكه الحكيم ابن مسكويه ايضا فى الفوز الاصغر - [2] معلق باثبات النفس
و اثبات انها ليست بجسم و لا عرض و لا مزاج , بل جوهر قائم بنفسه , غائب عن
الحواس و الأوهام , غير مخالط للمادة , روحانى النسج و السوس , برى ء عن
الأجسام , منفرد الذات بالقوام و العقل ,
[1] مصباح الانس فى شرح مفتاح الغيب , الطبع الأول , ص 280 .
[2] الفوز الاصغر لابن مسكويه , طبع مصر , لسنة 1325 , ه . ق , ص 27 .