أعلم أن تكميل البحث عن موضوع هذه العين مبتن على تنقيب الفصل المذكور من
الاشارات فى الادراك مع شرح المحقق الطوسى عليه , و كذلك على تنقيب الفصلين
الرابع و الخامس من الباب الخامس من نفس الأسفار , و الأول فى بيان أن
النفس كل القوى , و الثانى فى رفع ما قيل فى أن النفس لا تدرك الجزئيات .
و لنا
تعليقات تحقيقية بالتفصيل على كل واحد منها كأنها تعد شرحا كاملا عليها .
و من أفادات المحقق الطوسى فى شرحه على الفصل السابع من النمط الثالث من
الاشارات( أن الادراك ليس هو كون الشى ء حاضرا عند الحس فقط , بل كونه حاضرا
عند المدرك لحضوره عند الحس لا بأن يكون حاضرا مرتين فان المدرك هو النفس و
لكن بواسطة الحس) .
و منها - اعنى و من افادات المحقق الطوسى - قوله أيضا[ : فهم كثير من
الناظرين فى الفلسفة من قولهم( : النفس تدرك المحسوسات الجزئية بالة , و
المعقولات بذاتها) أن مدرك الجزئيات هى الالة لا النفس , و شنعوا عليهم
بأنهم
يقولون النفس لا تدرك الجزئيات , و طولوا الكلام فى ذلك , و جملة اعتراضاتهم
و تشنيعاتهم واردة على ما فهموه لا على ما قالته الحكماء] .
أقول : و من سوء فهمهم هذا و نحوه ذهبوا إلى أن النفس فى شخص واحد ليست
واحدة , بل فى البدن الشخصى نفوس عدة : بعضها حساسة و بعضها مفكرة و بعضها
شهوانية و بعضها غضبية . و هذا الوهم الموهون ألزم المحققين من الفلاسفة الالهية
باقامة البرهان على ردهم , و بالاحتجاج على وحدة النفس , كما أن الفصل العاشر
من الباب الخامس من نفس المباحث المشرقية للفخر مترجم فى ذلك حيث قال :
( الفصل العاشر من احتجاج القدماء على وحدة النفس) . و نقل دليلهم فى ذلك
كما
ترى : و أما المكثرون للنفس - أى القائلون بأن النفس كثيرة ليست بواحدة -
فقد احتجوا بأن قالوا([ : نجد النبات و له النفس الغذائية , و الحيوانات و
لها
النفس الغذائية و الحساسة دون المفكرة و العقلية , فلما رأينا النفس
النباتية
مع عدم النفس الحساسة , و النفس الحساسة مع عدم النفس الناطقة علمنا أنها أمور
متغائرة , إذ لو كانت واحدة لا متنع حصول واحدة منها إلا عند حصول كلها بالأسر و
لما ثبت تغايرها و استغناء كل واحدة منها عن الأخرى ثم رأيناها مجتمعة فى
الانسان