و أقول : ما قال من بيان أن الحسية أوقع فى النفوس من العلمية , و ان كان
وجها وجيها , و لكن الأنسب ما افاده المحقق الطوسى فى شرحه على اشارات الشيخ
حيث قال فى شرح الفصل الرابع من النمط التاسع منه فى المعجزات القولية و
الفعلية( : إن الخواص للقولية أطوع , و العوام للفعلية أطوع) . و على هذا
المنوال , قال العارف الرومى فى الدفتر الرابع من المثنوى :
(
پند فعلى خلق را جذاب تر *** كو رسد در جان هر با گوش وكر)
و أما ما أفاده فى بيان قول الشيخ( : أى بين أشكاله فى الصورة) فجملة
الأمر فى
ذلك أن عين البصيرة - و يعبرون عنها بالعين البرزخية ايضا - تفتح بنور العلم ,
فترى الناس على صور و اشكال تقتضيها ملكاتهم المستجنة فى نفوسهم , كما ستطلع
على برهانه فى العيون الجارية , و أشرت اليه فى تائيتى المسماة بينبوع الحيوة
.
و عامل فعل كان نفس جزائه *** ألا ملكات عجنت بالسريرة
إذا فتحت عيناه فى صقع ذاته *** فاما وجوه من وجوه دميمة
و إما وجوه من حسان كريمة *** لئن كانت الأفعال من حسن شيمة
سرائرها تبلى له الويل لو رأى *** سريرته مشحونة بالرذيلة
و أنت ترى الاناس فى السوق قد بدى *** تجسم أعمال فهذا كحية
و هذا كخنزير و ذاك كثعلب *** و ذا سبع ينحو افتراس الفريسة
و شرذمة كانت من أهل السعادة *** يميل إليها الطبع من غير وحشة
و حشرهم يوم النشور كنشرهم *** هنا فى جماعات و سوق و سكة
و من افادات المتأله السبزوارى فى شرح الأسماء أنه([ : لما كان البيان
بمنزلة
السحاب , و المعنى بمنزلة الروح و الحيوة , و النفس الجاهلة بمنزلة الأرض
الميتة كما فى قوله تعالى :
( و هو الذى يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته حتى اذا أقلت سحابا ثقالا سقناه
لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات , كذلك نخرج الموتى
لعلكم تذكرون)
[2] فالانسان إذا أراد أن يتكلم بكلام فمبدء هذه الارادة أولا صورة عقلية فى
القوة
[1] شرح القيصرى لفصوص الحكم , ايران , الطبع الأول , ص 329 - 328 .