نعم التجدد جاء فى ما سواه - سبحانه - مطلقا كما علم من نقل أقوال العارفين .
منها ما نص به القيصرى فى قوله المقدم من( ان المستفيض سواء كان عقولا و
نفوسا مجردة , أو أشياء زمانية يحصل لهم فى كل آن وجود مثل الوجود الأول و لا
تكرار و هكذا فيما يتبعه) , و أما الحركة فى الجوهر جارية فى عالم الطبائع
فقط و قد علمت أن الفاعل المباشر لجميع الحركات هى الطبيعة . و المتفرع على هذه
الحركة هو الحدوث العالم الطبيعى بشرا شره . و اما العقول فلكونها من العالم
الربوبى و لغلبة حكم الوجود عليهما و استهلاك ماهياتها فى جنب وجوداتها , لا
حكم لماهياتها اصلا . و اما النفوس فهى من حيث كونها من عالم الطبيعة و لذا
يبحث عنها فى العلم الطبيعى , كانت من العالم الطبيعى , و أما بعد صيرورتها
باستكمالها عقلا مستفادا تلحق بعالم العقول و يلحقها حكمها . و قد صرح بذلك
المولى الصدراء فى رسالة الحدوث بقوله( : أعلم أن ما ذكرناه و ايدناه و
اوضحناه من حدوث العالم الجسمانى من السماويات و غيرها هو بعينه مذهب أهل
الحق من كل قوم من أهل الملل السابقة و اللاحقة) [2] . و كذا فى ثالث
الخامس
من الجواهر و الاعراض من الاسفار [3] حيث قال( : فصل فى أن القول بحدوث
العالم مجمع عليه بين الانبياء عليهم السلام و الحكماء الخ) .
و الحركة فى اصطلاح العارف و هى الحبية جارية فى العوالم من العقول و النفوس
و الطبائع كلها فيجب لفت النظر إلى التمييز بين الحركتين , ثم انسحاب حكم عدم
الطفرة فى السير الوجودى نزولا و صعودا . فعلى ما سلك اليه أهل الصحف العرفانية
كان ما قبل الطبيعة من المفارقات متجددا و كانت الطبيعة معها متصرمة أيضا و
لكل
حكمه فى نشأته الخاصة به , و على ما ذهب إليه أهل الحكمة المتعالية الوجود ثابت
سيال , ثابت نفوسه التامة و مفارقاته من العقول و ما فوقها , سيال عالمه
الطبيعى جواهره و اعراضه و نفوسه من حيث هى نفس و لذا حكمنا فى سائر تصانيفنا
حكما اجماليا بأن الحركة فى الجوهر الطبيعى شعبة من البحث عن تجدد الأمثال , و
مولد عنه .
نعم التنصيص على الاصطلاح على الحركة الجوهرية لا يوجد فى الصحف العرفانية و
هذا ليس بقادح بعد توافقهما فى المعنى . و لذا لما قال صاحب الاسفار فى الفصل
الخامس