البدن أبدا فى التحلل و الذوبان و السيلان , و انما هو متجدد الذات الباقية
بورود
الأمثال على الاتصال و الخلق لفى غفلة عن هذا بل هم فى لبس من خلق جديد . و
كذلك
حال الصور الطبيعية للأشياء فانها متجددة من حيث وجودها المادى الوضعى الزمانى
, و لها كون تدريجى غير مستقر بالذات , و من حيث وجودها العقلى و صورتها
المفارقة الأفلاطونية باقية أزلا و أبدا فى علم الله - تعالى - . و لست أقول :
أنها باقية ببقاء انفسها , بل ببقاء الله - تعالى - لابقاء الله إياها . و بين
المعنيين فرقان : فالأول وجود دنيوى بائد داثر لا قرار له , و الثانى وجود ثابت
عند الله غير داثر و لا زائل لاستحالة أن يزول شى ء من الأشياء عن علمه - تعالى -
أو يتغير علمه - تعالى - . إن هذا لبلاغا لقوم عابدين [1] .
اقول : ينبغى تلطيف النظر فى قول صاحب الأسفار فى أمرين : أحدهما أن الانسان
الطبيعى ثابت سيال , ثابت لتجرده و سيال لطبيعته , كما أن الطبيعة ايضا كذلك
سيالة بحسب وجودها الزمانى , ثابتة بحسب صورتها المفارقة العقلية . و ثانيهما
قوله و انما هو متجدد الذات الباقية بورود الأمثال على الأتصال , لكى تعلم أن
الجوهر الطبيعى فى حركته لا ينفك عن تجدد الأمثال , بل هو باق به فافهم .
يد - الفصل الثامن عشر من الموقف الثامن من آلهيات الأسفار( : كما ان
جميع
الموجودات طالبة للخير المطلق عاشقة للموجود الحق على الترتيب , فكذلك الخير
المطلق و المعشوق الحق متجل لعشاقه إلا أن قبولها لتجليه و نيلها لنور جماله على
التفاوت) - الى قوله( : و ما أمره الا واحد و ليس فعله إلا بتشابه) [2]
. قوله : و ليس فعله إلا بتشابه , يعنى به تجدد الأمثال المعنون فى الصحف
العرفانية كما دريت .
يه آخر الفصل الخامس من الموقف التاسع من آلهيات الأسفار [3] يبحث فيه
عن تجدد الامثال و الحركة فى الجوهر معا فى تحت عنوان حكمة عرشية . و فى هذا
المقام يعلم ان تجدد الامثال و الحركة فى الجوهر الطبيعى توأمان يرتضعان من لبن
واحد من جهة , و يفترقان من جهة أخرى . و هما شقيقان عادلان حاكمان بان العالم
حادث إلا ان التجدد حاكم بحدوثه آنا فانا مطلقا , و شقيقه ناطق بأن العالم
الطبيعى فقط كذلك . و فى هذا المقام انسحب